21-نوفمبر-2015

لاجئون سوريون ينتظرون الدخول إلى إحدى الجزر اليونانية بعد وصولهم إليها قادمين من تركيا (Getty)

تجاوزت الحملة الجمهورية على اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة حدود الهواجس الأمنية التي أثارها الكشف عن جوازات سفر سورية مزورة استخدمتها عناصر من داعش للدخول إلى أوروبا من أجل تنفيذ عمليات إرهابية، وتحول إعلان عدد من حكام الولايات الأمريكية رفض استقبال اللاجئين السوريين في ولاياتهم إلى موجة عنصرية عارمة قادها اليمين المسيحي الأمريكي، عنوانها الرئيسي وقف الخطط الحكومية لاستقبال عشرة آلاف لاجىء سوري في الولايات المتحدة عام 2016، واعتماد المعيار الديني في قبول طلبات اللجوء والتمييز بين اللاجئين حسب ديانتهم، فالمسيحيون مرحب بهم في أمريكا دون المسلمين.

سارع سياسيو الحزب الجمهوري ومرشحيه للرئاسة إلى انتهاز الفرصة السانحة لتأجيج المشاعر العنصرية، واستثمار قضية اللاجئين السوريين انتخابيًا

وسارع سياسيو الحزب الجمهوري ومرشحوه للانتخابات الرئاسية إلى انتهاز الفرصة السانحة لتأجيج المشاعر العنصرية، واستثمار قضية اللاجئين السوريين انتخابيًا وسياسيًا، في إطار المواجهة الجمهورية المفتوحة مع إدارة الرئيس باراك أوباما، الذي يتعرض منذ وصوله إلى البيت الأبيض لحملاتٍ إعلامية جمهورية تشكك في هويته المسيحية. النزعة المسيحية التي طغت على تحرك الجمهوريين ضد اللاجئين السوريين في الكونغرس، اعتبرها أوباما مخالفةً للقيم والقوانين الأمريكية، مؤكدًا التزام الولايات المتحدة الأخلاقي تجاه اللاجئين السوريين، أيًا كانت ديانتهم، وملوحًا باستخدام الفيتو الرئاسي ضد أي قرار يصدره الكونغرس يجمد برنامج استقبال اللاجئين السوريين على الأراضي الأمريكية ورفض صرف الأموال اللازمة لتنفيذه.

وذهب المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" أبعد من ذلك، بدعوته إلى ترحيل نحو ألف وتسعمائة سوري هم مجموع اللاجئين الذين استقبلتهم الولايات المتحدة خلال الأزمة السورية. وأرفق ترامب حملته العنصرية على اللاجئين السوريين بدعوته إلى إغلاق عدد من المساجد في الولايات المتحدة، متعهدًا بفعل ذلك في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية. ويسعى ترامب لكسب تأييد المتشددين في الأوساط المسيحية المحافظة، وقد انضم مؤخرًا إلى حملة نظمها ناشطون مسيحيون متشددون دعت إلى مقاطعة سلسلة مقاه ستارباكس لأن الشركة أزالت الرموز المسيحية عن كوب القهوة في التصميم الجديد الذي اعتمدته في موسم عيد ميلاد السيد المسيح.

واستدعت الحملة الجمهورية العنصرية ضد اللاجئين السوريين ردًا من الحزب الديمقراطي وخصوصًا المرشحين للانتخابات الرئاسة. فجددت "هيلاري كلينتون"، المرشحة الديمقراطية الأوفر حظًا، دعوتها إلى التزام أمريكي أكبر بالتعامل مع مسألة اللاجئين، واستقبال نحو خمسة وستين ألف لاجئ سوري سنويًا في الولايات المتحدة. كذلك عبر المرشحان الديمقراطيان السيناتور "برني ساندرز" وحاكم ميريلاند السابق "مارك أونلي" عن مواقف مشابهة مؤيدة لاستقبال اللاجئين السوريين مع التشديد على ضرورة إجراء التحقيقات الأمنية اللازمة للتأكد من عدم تسلل عناصر إرهابية بينهم.

واعتادت دوائر الهجرة الأمريكية على اعتماد معايير وشروط صارمة في قبول طلبات اللجوء من الشرق الأوسط عمومًا ومن سوريا خصوصًا. وذلك مراعاة للاعتبارات الأمنية الأمريكية. وتتطلب الموافقة على طلب اللجوء من سوريا فترة ثمانية عشر شهرًا، تقوم خلالها الأجهزة الأمنية الأمريكية باستقصاءات أمنية معمقة حول هوية طالب اللجوء، والتحقق من عدم ارتباطه بتنظيم "داعش" أو "جبهة النصرة" أو إحدى الجماعات المتشددة المدرجة على لائحة الإرهاب الأمريكية .

ولا يلحظ المدقق بجدول أصدرته وزارة الهجرة الأمريكية هذا العام عن أعداد السوريين طالبي اللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، أي زيادة ملفتة في أعداد السوريين الذين دخلوا وطن المهاجرين في السنوات الأربعة الماضية. ويظهر الجدول الأمريكي أن عدد طالبي اللجوء السوريين في عام 1993 مثلًا بلغ 808 طلبًا، في حين لم يقدم هذا العام طلبات لجوء إلى الولايات المتحدة سوى 636 سوري و1586 خلال العام الماضي، وذلك من أصل سبعين ألف لاجىء تختارهم الولايات المتحدة سنويًا من لوائح طالبي اللجوء من كافة دول العالم المسجلين لدى المفوضية الدولية للاجئين التابعة للأمم المتحدة.

اقرأ/ي أيضًا: 

كوب ستاربكس الذي لا يحب المسيح

ماركو روبيو.. أوباما الحزب الجمهوري