01-نوفمبر-2016

عون ونصرالله في لقاء سابق جمعهما

وأخيرًا حقق ميشال عون حلمه ليحكم لبنان، والمفارقة أن حلمه الذي خاض لأجله حربًا ضروسًا، غرق فيها لبنان لسنوات طويلة في الدمار والدماء، حققه له أعداؤه الذين كادوا أن يجزوا عنقه ويضعوه في التابوت بدل أن يضع نفسه على كرسي الرئاسي.

في ذلك الزمن لم ينقذ الجنرال عون من الموت على يد النظام السوري إلا في طائرة فرنسية حطت في مكان تمترسه في شمال لبنان ونقلته في 1990 إلى باريس، ليعيش في منفاه لسنوات طويلة قبل أن يعفو عنه النظام السوري وإيران ويسمحان له بالعودة في العام 2005 ضمن صفقة دولية ظلت مجهولة إلى اليوم.

يعلم عون جيدًا أنه لن يسد شغور الكرسي الرئاسي في لبنان فهو لن يكون أكثر من رجل الكرسي الرئاسي

كثيرة هي الصدمات التي واجه بها عون المجتمع اللبناني بعد وصوله، لعل أبرزها في ذلك الزمن كان زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس، الكل فسر الزيارة كمباركة أمريكية لعون رئيسًا للبنان، ولنتذكر حينها أن رايس كانت تجوب العالم لتشرح لهم مشروعًا أمريكيًا جديدًا عرفناه فيما بعد باسم "مشروع الشرق الأوسط الجديد".

اقرأ/ي أيضًا: جيل "عون": جزمة تلو جزمة لنسقط بسلام

في آب/أغسطس من العام 2005 ظهر عون في برنامج زيارة خاصة على قناة الجزيرة وقتها تحدث معد البرنامج الإعلامي سامي كليب عن الشائعات والمقالات والتعليقات حول احتمال وصول ميشال عون إلى سدة الرئاسة وقال: حين زرته كانت قد وصلتني معلومات عن رسائل سورية له لكن يبقى الطرف الحاسم حاليًا واشنطن ولذلك فحين قامت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس لزيارة ميشيل عون في بيروت ضج لبنان بالخوف فهل جاءت رايس محذرة الجنرال من مغبة المغالاة في معارضته كما قالت صحف بيروت أم أنها جاءت تفرش أمامه السجادة الحمراء إلى قصر بعبدة؟"

 جواب عون حينها كان نفيًا قطعيًا لأية مباركة أمريكية له لعبور طريق الرئاسة، لكن الأيام اللاحقة كشفت الكثير، فبعد لقاء كوندليزا رايس بعام، عقد الرجل تحالفه الشهير مع حزب الله في العام 2006.

جعل الشغور الرئلسي لبنان يعيش داخل بركان من إعادة صياغة التحالفات والاصطفافات التي أنهكت حلفاء المحور السعودي

منذ عودة عون إلى لبنان قبل 11 عام ولا سيرة في لبنان إلا عن عودته كرئيس، هذا الأمر الذي كان محل تشكيك عون نفسه صار حقيقة اليوم وواقعًا. المفارقة أن أعداء عون هم من حققوا له حلم أمسه، ويمكننا القول بشكل أدق إن هذا المنصب بالنسبة للجنرال ميشال عون هو جائزة عمره هدية من أصدقائه له، ولكن بالنسبة لأعداء الأمس هو تكريم نهاية الخدمة وعربون رضا عن دوره الذي لعبه على الساحة اللبنانية قبيل وفاته، وبكل تأكيد هذا يسجل لأصدقاء عون/أعداء الأمس، فموقفهم هذا ليس كمن تخلى عن حلفائه وأضعفهم حتى صاروا أضحوكة وكركوزات على الساحة اللبنانية والعالمية. يعلم عون جيدًا أنه لن يسد شغور الكرسي الرئاسي في لبنان فهو لن يكون أكثر من رجل الكرسي الرئاسي، فالرجل الذي بلغ من العمر عتيًا واجتاز عتبة الثمانين يستعد ليجلس في قبره لا على كرسي الرئاسة.

الصحيح أن لبنان ومنذ أيار/مايو 2014 غرق في دوامة فراغ رئاسي أوقع البلاد في فترة جمود رئاسي جعله يعيش داخل بركان من إعادة صياغة التحالفات والاصطفافات التي أنهكت حلفاء المحور السعودي في لبنان لصالح تقوية المحور الإيراني، لا بل تنصيبه زعيمًا للبلاد.

اقرأ/ي أيضًا: 

"مايّو" كلينك وسماحة السيد

هل انتحر الحريري سياسيًا؟

برلمان "مريام كلينك" ينتخب الجنرال