12-نوفمبر-2015

نداء تونس إلى أين؟(أمين الأندلسي/الأناضول)

أسس الباجي قائد السبسي في 2012 حزب نداء تونس رفقة عدد من السياسيين التونسيين وفاز الحزب بالانتخابات التشريعية في أكتوبر 2014 بستة وثمانين مقعدًا في مجلس نواب الشعب من جملة مائتين وسبعة عشر، كما فاز رئيسه برئاسة الجمهورية. عُرف الحزب بتركيبته غير المتجانسة والتي كانت من الأسباب الرئيسية للصراع الدائر داخله منذ تأسيسه، ثم تطوّر الصراع ليصل إلى حزب بشقّين، "شقّ حافظ قائد السبسي" و"شقّ محسن مرزوق" وربما أكثر ولهذا الصراع مراحل عدّة.

الهيئة التأسيسية وتجربة الحكم

عُرف حزب نداء تونس بتركيبته غير المتجانسة والتي كانت من الأسباب الرئيسية للصراع الدائر داخله منذ تأسيسه

وصل حزب نداء تونس إلى الحكم واستقرت مؤسسات الدولة من وزراء ومستشارين وانصهر فيها جلّ أعضاء الهيئة التأسيسية للحزب، شهد بعدها حزب "النداء" مرحلة من الركود وإغلاق مقرات قاعدية وانحصار عمل الحزب على الجانب الإداري بقيادة المدير التنفيذي للحزب بوجمعة الرميلي، وتعالت أصوات القواعد تطالب بحلول وبالتفاتة من قيادات الحزب الحاكم بعد أن شعرت بأنها كانت "آلة انتخابية" لا غير.

انتخاب المكتب السياسي.. رأب الصدع أم تعميق للأزمة؟

تحركت قواعد الحزب وقياداته الوسطى وكتلته البرلمانية وطالبت بانتخاب مكتب سياسي يُنهي ما سُمّي بهيمنة بعض القيادات على الحزب ووضع حد للقرارات المسقطة إضافة إلى ضبط التوجّهات السياسية الكبرى للحزب ومتابعة أنشطة الهياكل مركزيًا وجهويًا ومحليًا، وخاصّة العمل على الإعداد للمؤتمر الأول للحزب.

تأجّل انتخاب المكتب السياسي أكثر من مرّة وتعمّق الجدل بين من ينادي بأن يكون الاختيار توافقيًا أو عن طريق الانتخاب، ثم في آذار/مارس 2015، تم انتخاب المكتب السياسي وتشكّل من أعضاء الهيئة التأسيسية الذين انصهروا آليًا في المكتب السياسي إضافة إلى انتخاب عشرة أعضاء من الكتلة البرلمانية وعشرة من المكتب التنفيذي، لكن هذه التشكيلة خلت من "شقّ حافظ قائد السبسي" وعادت الخلافات من جديد حولها.

حافظ قائد السبسي.. مجرّد من أي مهام؟

استشعر نجل الرئيس المؤسس حافظ قائد السبسي الخطر خاصّة بعد تغيير صفته كمسؤول هياكل بالحركة ومنحها للمكتب السياسي وأصبح نائب رئيس مجرّد من المهام. عاد الخلاف من جديد وهو اعتبار الهيئة التأسيسية السلطة الشرعية الوحيدة وحاول البعض إرضاء "شقّ حافظ قائد السبسي" وإضافة بعض المنتسبين له إلى المكتب السياسي على غرار القيادي البارز عبد الرؤوف الخماسي.

قانونيًا، لم تعد قرارات المكتب السياسي صالحة في يونيو/حزيران الماضي بعد أن انتُخب لغاية اليوم الخامس عشر من هذا الشهر وانتهى تنظيميًا، حسب نائب رئيس الحركة حافظ قائد السبسي وعادت الهيئة التأسيسية ممثّلًا وحيدًا للحزب بينما تشبث الأمين العام محسن مرزوق بشرعية المكتب السياسي واعتبار الهيئة التأسيسية هيئة غير شرعية بعد انصهارها في المكتب السياسي.

اجتماع جربة والمنعرج الخطير..

كان اجتماع جربة أو ما سُمّي بـ"ندوة الشهيد لطفي نقض" بداية النهاية، واختُتم بتقديم خارطة طريق للمؤتمر التأسيسي للحزب الذي لا يجب أن يتجاوز عقده نهاية السنة الحالية حسب التوصيات، خارطة طريق واجتماع رفضه "شقّ محسن مرزوق"، ما جعل القيادي في حركة نداء تونس، والوزير المستقيل حديثًا، الأزهر العكرمي، ينعت القيادات المشاركة في اجتماع جربة بـ"الانفصاليين والانقلابيين".

كان اجتماع جربة أو ما سُمّي بـ"ندوة الشهيد لطفي نقض" بداية النهاية بعد رفض قراراته من قبل "شق محسن مرزوق"

لوضع "شق محسن مرزوق" أمام الأمر الواقع والتسريع بالحسم، وجّه "شقّ حافظ قائد السبسي" ولأوّل مرة في تاريخ الحزب، استدعاء عن طريق عدل تنفيذ إلى كل من رئيس الحزب والأمين العام والناطق الرسمي والمدير التنفيذي من أجل حضور اجتماع الهيئة التأسيسية للحزب الذي عُقد بتاريخ الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر والمخصّص لتكريس قرارات "اجتماع جربة" والحسم نهائيًا في موعد مؤتمر الحزب وانتخاب لجنة الإعداد.

الشقان..وجهّا لوجه..

الدعوة إلى هذا الاجتماع عن طريق عدل تنفيذ، قابله "شقّ محسن مرزوق" بالدعوة لاجتماع طارئ في الحمامات في غرة تشرين الثاني/ نوفمبر لـ"قطع الطريق" أمام "شق حافظ قائد السبسي" ما أدّى إلى حالة من الفوضى وتبادل للعنف ومنع عدد من أعضاء التنسيقيات المحلية للحزب من الدخول. وشهدت قاعة الاجتماع تبادلًا للعنف بين المنتسبين لنفس الحزب واستعملت الهراوات والعصي، وسجلت إصابات في صفوف عدد من الحاضرين، لم يُعقد هذا الاجتماع إذًا وتتالت إثر ذلك بيانات كلا الشقّين.

انقسام الكتلة البرلمانية للحزب..

اجتمع "شق حافظ قائد السبسي" في المقرّ المركزي للحزب وتدارس الحاضرون الوضع وبطلب من الرّئيس المؤسّس للحزب ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بقي الاجتماع "مفتوحًا" على أمل أن يتواصل ويشمل جميع الأطراف كمسعى توافقي من أجل تفعيل القرارات الخاصّة بعقد المؤتمر قبل موفّى السّنة الحاليّة ولم الشمل مجددًا. لكن المفاجأة كانت استقالة واحد وثلاثين نائبًا من كتلة الحزب بالبرلمان، في تصعيد للانقسامات التي وصلت بذلك ذروتها وهي تنذر بالأسوأ.

اقرأ/ي أيضًا:

المشهد السياسي التونسي.. تغييرات في الأفق

إقالة وزير العدل التونسي.. تواصل تشظي حكومة الصيد؟