13-سبتمبر-2015

يجبر أمن السودان صحفه عليى الاعتذار المتكرر (Getty)

تواجه الصحافة السودانية مأزقًا كبيرًا أمام الدولة، وذلك بعد عدة إجراءات اتخذتها السلطات، لإحكام السيطرة على الصحافة وحرية التعبير في البلاد. وتعزيز حقبة من المعاناة لا تقلّ عن المعاناة التي يقاسيها المواطنون اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا، وفي هذا انعكاس لواقع البلاد على مصائب نخبتها وحال المعرفة والثقافة فيه، حتى على المستوى التعليمي البسيط، إنها الرجعية تنخر السودان يا صديقي.

أخيرًا، تشكو الصحافة في السودان من هجمة شرسة تنفذها السلطات الأمنية، حيث تتعرض للمصادرة تارة والإيقاف تارة أخرى، علاوة على فرض الرقابة القبلية أحيانًا، كما يتهم جهاز الأمن السوداني بعض الصحف بتجاوز "الخطوط الحمراء" بنشر أخبار تؤثر على الأمن القومي للبلاد. وبمرور كل يوم تزداد حملات التضامن والمبادرات، وحملة التوقيعات لا تتوقف منذ اعتقال الصحفي والمدون ومؤسس موقع الراكوبة الإلكتروني وليد الحسين من قبل السلطات السعودية، من دون إفصاح عن سبب الاعتقال.

استقوى أمن السودان على صحافته بعد اعتقال الصحفي والمدون وليد الحسين من قبل السلطات السعودية

ورغم أن الاعتقال في الثالث والعشرين من تموز/يوليو الماضي، غير أن المعلومة لم تظهر إلا قبل بضعة أيام. وليد الحسين هو مؤسس موقع الراكوبة الالكتروني، مقيم بالسعودية بصورة رسمية وبإقامة سارية المفعول منذ 15 عامًا كما أنه ليس متفرغًا للعمل في موقع صحيفة الراكوبة، بل أحد المشرفين على الموقع الذي يدار بإشراف هيئة التحرير ومعاونة محررين ومراسلين من عدة دول في قارات مختلفة، ويعمل وليد في شركة إلكترونيات وأسس مع آخرين موقع الراكوبة منذ 2005، والذي أصبح من أشهر المواقع السودانية الإخبارية، وتصنفه الحكومة السودانية أنه موقع ناطق باسم المعارضة.

مخاوف الصحفيين

يقول الصحفي المعارض، إبراهيم عبد الله، لـ"الترا صوت"، "الأمن السعودي لم يوجه أي تهمة للحسين، ويتهم المخابرات السودانية بالإصرار على نظيرتها السعودية لتوقيف الحسين، ويتخوف من أن تقرر الرياض تسليمه إلى الخرطوم حيث يمكن أن يواجه "مصيرًا مجهولا" بسبب كتاباته المعارضة للنظام الحاكم المتمثلة في حكومة الإنقاذ بقيادة الرئيس السوداني المشير عمر البشير". ويؤكد عبد الله على أنه قلق جدًا على سلامة وليد الحسين في حال تم إجباره على العودة إلى السودان، خاصةً وأن الصحفي المعتقل لا يعرف الأسباب التي اعتقل من أجلها.

أما الكاتب والباحث والناشط السياسي والحقوقي، خضر عمر إبراهيم، فقد أصدر بيانًا رسميًا عبر وسائل الإعلام قبل يومين من بريطانيا، أعرب فيه عن تضامنه مع الصحفي المعتقل، ومع أسرته الكريمة واصفًا صحيفة الراكوبة بالمنبر الحر وصوت الهامشيين، ولكنه للأسف، وبدلًا من الدعوة لإطلاق الصحفي، ناشد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أن تأخذه الرأفة والرحمة، لقلب والدة وليد الحسين، وزوجة وأطفاله اليافعين ومولوده الذي وضع قريبًا، داعيًا الملك سلمان  بأن يقضي الحسين الحج وعيد الأضحى بين أسرته.

 2015 على ذات المنوال

قررت السلطات السودانية تعليق صدور أربع صحف سودانية، عقب سحب أعدادها الصادرة في شهر مايو الماضي من العام الحالي 2015. فقد علّق جهاز أمن البشير صدور صحف الانتباهة، آخر لحظة، الجريدة والخرطوم، إلى اجلٍ غير مسمى، وذلك بعد ساعات من مصادرة عشر صحف بعد الطباعة. فيما نشر موقع الراكوبة السودانية الذي يتولى الإشراف عليه وليد الحسين، سبب سحب الصحف السودانية المطبوعة إضافة إلى تعليق صدور بعض تلك الصحف. كما علّقت السلطات السودانية، صحيفة يرأس تحريرها رئيس اتحاد الصحافيين السودانيين، في خطوة تُعتبر الأولى من نوعها، فلم يتم سابقاً تعليق الصحف جملة وبتوقيت واحد وسبق أن صادر الأمن 14 صحيفة يومية واعتقال بعض الصحفيين العاملين بها، كعقاب جماعي بشأن قضايا نشر. والمؤسف، أن الصحف تضطر لتوقيع تعهدات لكي يسمح لها بإعادة الصدور، بعدم تكرار مثل هذا النشر مستقبلًأ، كما تقدم اعتذارات رسمية على صفحاتها، ما يفقدها مصداقيتها أمام الناس.

إلى ذلك، اعتقلت السلطات السودانية، في وقت سابق، الناشطة السودانية نسرين، التي نقلت عنها الصحف قضية التحرش من قبل رئيس "جمعية حماية المستهلك"، ياسر ميرغني، قبل أن تعود وتفرج عنهما بعد شهر من الاعتقال، حيث دفعت السلطات السودانية الناشطة نسرين إلى تقديم اعتذار رسمي نشر في الصحف السودانية، تحت ذريعة أنها لا تمتلك "أي دلائل أو قرائن"!


تطورات في قضية وليد الحسين

أعلن موقع الراكوبة في بيان رسمي أن الموقع خلال الساعات الماضية فوجئ بمناشدة تم تداولها على نطاق واسع في تطبيق التراسل الفوري "واتساب"، مُذيِّلة باسم وتوقيع شخص يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، ادعّى فيها أنه من أسرة وليد الحسين، وأن هيئة تحرير الموقع، قد طلبت منه كتابة بيان مناشدة لحث الجهات والمنظمات الحقوقية للتدخل بخصوص الصحفي المعتقل، لدى سلطات المملكة العربية السعودية، الأمر الذي كذبه الموقع خاصةً وأن الكاتب قد أضاف معلومات خاطئة مثل تاريخ الاعتقال وأسبابه.


تقرير منظمه حرية الصحافة 2015 بالسودان

يقول تقرير لمنظمة صحفيون لحقوق الإنسان إن الفترة من  3 أيار/مايو 2014 إلى 2 أيار/مايو 2015، شهدت 66 حالة مصادرة ومنع صدور اتخذت بحق الصحف السودانية و13 اعتداء على الصحفيين بالسودان. واستعرض التقرير الذي نشر بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة معلومات عن منع جهاز الأمن لصحف وصحفيين من تناول قضايا مثل الفساد المالي لقيادات الحزب الحاكم.

ورصد التقرير حالات الاعتقال، التوقيف، الاستدعاء، والتحقيق بواسطة جهاز الأمن للعاملين في مؤسسات صحفية سياسية، حيث بلغت 34 حالة، فضلا عن 13 منها تمت عن طريق الشرطة، و17 حالة مواجهة بين مؤسسات الدولة وصحفيين.