18-ديسمبر-2016

لا يزال الحديث عن أن موعد الإعلان عن الكيان الجديد الموحد مسألة وقت (الأناضول)

لا تزال الأنباء القادمة من شمال سوريا، وتحديدًا محافظة إدلب، أكبر معاقل المعارضة السورية، متضاربة حول ماهية إعلان كبرى فصائل المعارضة الإسلامية المسلحة اندماجها تحت كيان واحد، والسير أكثر نحو قوى قادرة على القتال والتفاوض بشكل جماعي، بعيدًا عن فوضى السلاح، وخلافات الفصائل فيما بينها، والتي ظهرت إلى العلن في عملية فك الحصار عن الشطر الشرقي المحاصر في حلب، وأثناء الاشتباكات العنيفة ضد قوات النظام والميليشيات الأجنبية، الذي تمكن من استعادة السيطرة على المدينة.

يشهد الشمال السوري، حالة من الغليان الشعبي، نتيجة الحصار المفروض على المدنيين في مدينة حلب، وهو ما يضغط على الفصائل المسلحة للتوحد

وفي الوقت الذي تناقلت صفحات مختلفة لإعلاميين في الداخل السوري خبر الاندماج بين الفصائل، كشفت وسائل إعلام محلية أن نحو 14 فصيلًا، في طريقهم لإعلان توحدهم تحت مسمى "الهيئة الإسلامية السورية"، كما نشرت صحيفة "الشرق الأوسط"، يوم الأحد ، "عشرة بنود تحكم الاتجاه العام لهذه الفصائل"، وقالت إن مصادر في المعارضة السورية قامت بتسريبه.

اقرأ/ي أيضًا: بعد ملحمة تاريخية.."الثورة السورية" تودع حلب

ولعل أهم ما يميز البنود التي نشرتها الصحيفة، أن تاريخها يعود لأكثر من أربعة أشهر، وهو ما يمكن رصده عبر محرك البحث "غوغل"، لإجراء تطابق فيما بين البنود المنشورة في "الشرق الأوسط"، ووسائل إعلام محلية، ليجد أن، الإعلامي خالد الوليد، كان نشرها بتاريخ 27 تموز/يوليو الفائت، عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك".

وهو ما يربط بين عملية الاندماج، التي تحدثت عنها جميع الفصائل في الشمال السوري، وكانت قريبة من التحقيق، قبل أن يتم عرقلتها، نتيجة الخلاف على المناصب القيادية بين جبهة "فتح الشام"، وحركة "أحرار الشام الإسلامية"، وهو ما أكده القاضي الشرعي لتحالف "جيش الفتح"، عبد الله المحيسني، في أكثر من لقاء سابق خلال الفترة الأخيرة.

وبحسب التسريبات المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها موقع "تويتر"، فإن الكيان الجديد الذي من المتوقع أن يبصر النور قريبًا، اختار، القائد العام لحركة أحرار الشام، أبو عمار تفتناز، أميرًا عامًا للهيئة، وقائد "فتح الشام"، أبو محمد الجولاني، قائدًا عسكريًا عامًا، وقائد حركة "نور الدين الزنكي"، توفيق شهاب الدين، رئيسًا لمجلس الشورى، وفق ما ورد من تطابق للأسماء عبر صفحات العديد من النشطاء السوريين.

ويدخل الحديث مرة جديدة، حول اندماج فصائل المعارضة، بينها "جيش الإسلام"، و"جبهة أنصار الدين"، إلى جانب تنظيم "جند الأقصى" المتشدد، الذي أعلن سابقًا بيعته لـ"فتح الشام"، دون أن ننسى أن هذه الأخيرة، مدرجة على قائمة "المنظمات الإرهابية" عالميًا، لصلتها بتنظيم "القاعدة".

وكانت الفترة السابقة شهدت تطورات داخلية على صعيد الفصائل نفسها، وإذا كان آخرها تعليق سبعة من أعضاء "مجلس شورى" في "أحرار الشام" عضويتهم، وتأسيسهم لما يعرف "جيش الأحرار"، بعد أن بايعهم نحو 14 فصيل من الحركة، كما سبق هذه العملية عمليات اندماج أخرى لعدد من الفصائل، لصالح إما "أحرار الشام"، أو "فتح الشام".

اقرأ/ي أيضًا: من أجل حلب..عودة الاحتجاجات السورية في أوروبا

ويشهد الشمال السوري بشكل عام، حالة من الغليان الشعبي، نتيجة الحصار المفروض على المدنيين المحاصرين في مدينة حلب، بعد أن عطلته الميليشيات الأجنبية المدعومة من إيران، أبرزها "حزب الله"، الذي طالب بخروج جرحاه من بلدتي "كفريا، والفوعة" بريف إدلب، المحاصرتين من قبل قوات المعارضة، مقابل السماح لمدنييّ الشطر الشرقي، الخروج إلى ريف حلب.

فصائل الشمال السوري، وجدت نفسها في هذه المرحلة، مجبرة على تحقيق الاندماج، بعد انحسار مناطق نفوذها نتيجة استعادة النظام سيطرته على حلب

وقامت ظهر الأحد مجموعة من العناصر المسلحة بإحراق الباصات التي كانت متوجهة لإخلاء جرحى البلدتين المواليتين للنظام السوري، وهو ما يدخل في إطار عدم سيطرة قادة الفصائل على عناصرهم، ما أثار غضبًا عارمًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بين نشطاء الثورة السورية، محملين فصائل المعارضة مسؤولية ما يترتب على مثل هذا الفعل من عمليات انتقام تنفذها الميليشيات الأجنبية بحق مدنيي حلب المحاصرين.

وإذا صحت البنود التي نشرتها "الشرق الأوسط" متأخرة 4 شهور، فإن "الهيئة الإسلامية السورية"، ستكون مقبلة على مرحلة مهمة في الشمال السوري، أولها أنها غيبت أي فعل مدني للمعارضة السياسية، ودور "الحكومة المؤقتة"، التي تحاول أن تنقل مقراتها للداخل السوري، وهو ما سيعرضها لانتقادات.

وثانيهما أنها تريد أن تؤسس لإدارة "حكم ذاتي"، كون أحد البنود يتضمن "اختيار رئيس لعموم المناطق المحررة"، و"تفعيل دور الشرطة الجديدة بما فيها أقسام جنائية ومرور وتحقيق"، و"إطلاق محطة تلفزيونية وراديو"، و"حظر حمل السلاح على المدنيين"، ما يشير إلى إمكانية الاتفاق على تقسيم سوريا، وهو ما تراه موسكو مناسبًا، من خلال نجاحها برسم خارطة "سوريا المفيدة"، وتشير إليه المعطيات المتوفرة ميدانيًا، بعد أن قام النظام السوري بإفراغ مدن وبلدات ريف دمشق من ساكنيها، وإجبارهم على الرحيل إلى محافظة إدلب.

وحتى لحظة إعداد الخبر، لا يزال الحديث عن أن موعد الإعلان عن الكيان الجديد أصبح مسألة وقت، وهو ما أكده القاضي في "جيش الفتح"، عبد الرزاق مهدي، في تغريدة عبر صفحته الرسمية قال فيها: "الحمد لله الاندماج أصبح حقيقة ونحن معه وإن جاء متأخرًا".

فيما كتب المتحدث الرسمي باسم "فتح الشام"، حسام الشافعي، مؤكدًا أول أمس السبت في سلسلة تغريدات متوالية، أنه "لم يقف سعينا نحو تحقيق الواجب الشرعي بأمر التوحد والاندماج، تعثر وتعرقل مرات، وانطلق على استحياء مرات أخرى"، مشددًا على أنه "اليوم أقوى وأشد وقادتنا يسعون له ليل نهار"، ومشيرًا أنه "تقتضي المرحلة القادمة أن يقودها المجاهدون صفًا واحدًا سياسيًا وعسكريًا وشرعيًا، هدف واحد ومصير واحد".

ويرى مراقبون أنه على الفصائل المندمجة في مسمى "الهيئة الإسلامية السورية"، أن تعي تمامًا أنها من الممكن أن تتعرض لحملة عسكرية كبيرة كونها تضم بينها فصائل مدرجة على لائحة "المنظمات الإرهابية"، تحديدًا حركة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، والتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، يقوم باستهداف قيادييّ هذه الفصائل بطائرات دون طيار، إلا في حال نجح التقارب التركي-الروسي في الوصول لاتفاق وقف لإطلاق النار في عموم سوريا، كما تناقلت وسائل إعلام روسية على لسان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعد اتصاله الهاتفي الأخير بنظيره التركي، رجب طيب أردوغان.

بشكل عام، فصائل الشمال السوري، وجدت نفسها في هذه المرحلة، مجبرة على تحقيق الاندماج، بعد انحسار مناطق نفوذها نتيجة استعادة النظام سيطرته على حلب، وإمكانية تطبيق الخطة ذاتها على باقي المناطق في حال لم تتحد، إضافة ليقينها بأن عملية الاندماج ستحقق لها مكاسب من بينها لربما إدارتها لمحافظة إدلب، وسائر مناطق الشمال ذاتيًا، نظرًا لتحولها، أي المدن والبلدات الشمالية، معقلًا مهمًا للفصائل والمدنيين المعارضين لنظام بشار الأسد، ورفضهم أي من الحلول السياسية والمقترحات التي رافقت مفاوضات جنيف.

اقرأ/ي أيضًا:

 حلب وتدمر..حسابات داعش ومعسكر الأسد