18-مايو-2016

فرح يوسف

هي الحرية، أو الثقافة بالأحرى في صراع المتناقضات، وكل يرى الأمر من زاوية فهمه لأن يعرض ما لديه من سلعة إن شاء، أو من أسرار كما يحب أن يتعامل معها البعض، ويرى في سريتها جمالًا يجب أن يجتهد المرء لكي يدرك ماهيته.

ما من شك أن الشرق عالم غريب وشبق، وأن الشمس تفضح مكنوناته

ما من شك أن الشرق عالم غريب وشبق، وأن الشمس تفضح مكنوناته، والمرأة هي القاسم الأهم في تعابيره وأدبياته، وهي عالمه الذي لا ينفك يربطه من جواده قديمًا حتى صهوة دباباته حاليًا، ويتكئ عليها ليوصل فكرته العاجزة فهي الملهمة والربة المتوجة والعبدة والماكرة وصاحبة الكيد، والمثيرة والهائمة والشهية.

اقرأ/ي أيضًا: زمن النكبات

لاعب الكرة أول ما يفعله عند إحرازه لهدف هو تقبيل خاتم زواجه، أو خطبته في رسالة إلى الجميع هو هدف امرأتي الذي أسجله، وأما هي فتراه فحلها القوي... هي رسائل مشفرة لشهوة مقدسة. الشاعر أيضًا لا يمكن أن يتم قصيدته دون أن تهمس امرأة في عبارة مارقة، أو إيحاء فظ أو محتشم عن جسدها أو قطعة تثير فيه ذاك الموت المخبأ عنوة.

كذلك الرؤساء يعلنون ويكتمون ما بهم من ولهٍ أو شهوة، ويسربون ذكريات السائل المنوي على فستان امرأة شبقة، وبعضهم يمارس شهواته كما كل البشر عبر الإنترنت، وسيدات في القصور لهن ما لهن من حكايات الخيانة والحب وعشق البلاط.

في كل هذا السرد لمكنونات الناس، وفي حقهم انتهاز غرائزهم في شذوذها وطبيعيتها لا بدّ من حدٍ فاصل بين ما هو خاص في أي شكل كان، وبين ما يمكن أن يعرض على الآخرين لفظًا وفعلًا.

اقرأ/ي أيضًا: معرض فلسطين للكتاب.. كل شيء جيد، إلا الكتاب!

قادني إلى هذا السرد ما نشر من حديث الفنانة السورية فرح يوسف عن أثدائها الجميلة وحريتها في عرضها للناس، وفي استغرابها من انتقاد الآخرين، والذهاب بعيدًا في الغرق بسفالة الحديث إلى أسفل أعضائها التناسلية، ودعوتها لمنتقدها بالنظر إلى عورة أمه فعادته وتقاليده التي لا تسمح له برؤية شعر أخته، والنوم في غرفتها؛ هي من تجعله ينتقد أثداءها الجميلة.

افهموا الجمال والفضيحة كما تشاؤون، واتركوا لعوراتنا حرية الانعتاق داخل وخارج سراويلنا

في هذا العرض المسف لامرأة عن أعضائها لا يمكن إلا أن تستغرب هذا الجنوح الغريب نحو الافتتنان القاصر للجمال، والرغبة الجامحة في عرض ما تعتقد أنه جميل، وفي تحقير وجهة نظر الآخر، وتناول معتقده سرًا من خلال الغمز الذي تربت عليه من أن الفظاظة حرية، وحماية الخاص تخلف وتدّين.

هذا الشرق المتناقض في كل شيء، والذي يحمل في عمقه جمال تناقضه يجب أن يترك على حاله، افهموا الجمال والفضيحة كما تشاؤون، واتركوا لعوراتنا حرية الانعتاق داخل وخارج سراويلنا.

فرح يوسف تتغنى بأثدائها من وجهة نظر لا تبدو خاصة، وآخرون قد لا يرون ذلك.. بينما الحقيقة أن فرط التباهي هنا يساوي فرط الأحجام هناك، وفي كلا الحالتين جمال لكن دون أن يختلطا. سحر الشرق في كونه مساحة تحت الشمس تنتشي فيها مخلوقات الله البهيمية دون توجيه أو تربية، وهي إن تمارس أخطاءها حد الفجور بنفس الوقت ترّوضها المحرمات.. وتلك لم تُخلق إلا هنا.

اقرأ/ي أيضًا:

العالم الأزرق.. الحياة داخل مصباح علاء الدين

صنّاع النكبة الفلسطينيون