12-مارس-2016

عرس في حلوان سنة 1910(Getty)

وقال الرب الإله: "ليس جيدًا أن يكون آدم وحده فاصنع له معينًا نظيره"، تكوين ـ الإصحاح الثاني ـ آية 19

"نساؤكم حرث لكم"، سورة البقرة-الآية 223

يصف الدكتور صالح سعد في معرض حديثه عن العرس الشعبي طقس الزواج بـ"طقس العبور"، فلطالما كان الزواج البشري تكرارًا يوافق في الذهن البشري منذ القدم تقليدًا تم بين أشخاص يعتقد في تقديسهما أو التزامًا بتعاليم القديسين والأنبياء، وهكذا فإنه من الطبيعي أن تتحول طقوس الزواج إلى ما يشبه الطقوس الرمزية بكل ما تحويه من عمق ثقافي يعد المرآة الحقيقية للثقافة المجتمعية.

منذ أن يعلن عن قرب زواج أحد أبناء الواحة المصرية يقام "السامر"، وهو عبارة عن احتفالية ليلية تقام لفترة تطول وتقصر بقدر شهرة العائلة

وحسب التأويلات ذات الخلفية الدينية والثقافية فقد كان هناك صراع أزلي بين ثلاثة أطراف: الرجل، المرأة والشيطان. ولطالما فهم الإنسان الصراع بينه وبين الشيطان على أنه بسبب المرأة، التي نفذ من خلالها إلى سريرته. فيما بعد تحول الصراع إلى صراع اجتماعي بين مجموعة من القيم والتقاليد المركبة والمتنافرة أحيانًا، غذتها مجتمعات تتبنى القيم البطريركية في تقليدها اليومي في تربية النساء وإجلال العنصر الذكري.

اقرأ/ي أيضًا: ليس قسمةً ولا نصيبًا.. الزواج هنا تقليد!

الخطبة

الخطبة، هي الخطوة الأولى في مراسم الزواج، بل إن العرب قديمًا كانت تزوج النساء بالكلمة، وقد تعقدت هذه العملية فيما بعد وتحولت إلى حيل لابد فيها من وجود وسطاء، غالبًا من النساء، لإتمام ههذ المهمة. يروي ابن الجوزي في كتابه "أخبار النساء"، عن الجاحظ، أنه: "إذا ابتلى الرجل بمحبة امرأة لنظرة، نظر إليها، ولمحة منها وكانت ممتنعة، فالحيلة في ذلك أن يرسل إليها امرأة قد كملت فيها سبع خصال منهن: أن تكون كتومة السر، وأن تكون خداعة لها معرفة بالمكر، وأن تكون فطنة متيقظة، وأن تكون ذات حرص، وأن تكون ذات حظ ومال ولا تحتاج إلى الناس، لا ينكر اختلافها ودخولها عليها، بأن تكون إما بياعة طيب، أو قابلة أو صانعة لآلة العرائس، وهو النمط التقليدي للخاطبة المعروفة".

أعراس الواحات

تتبدى أهم عناصر الثقافة في الأعراس الشعبية في منطقة الواحات بمصر، وخاصة الواحات الداخلة، وهي الأغنى والأبرز في الصناعات الشعبية، فضلاً عن الثراء في مواد الأدب الشعبي المصاحبة للاحتفاليات فيها. فمنذ أن يعلن عن قرب زواج أحد أبناء الواحة يقام "السامر"، وهو عبارة عن احتفالية ليلية تقام لفترة تطول وتقصر بقدر شهرة العائلة، يتعلق الأمر بالعائلة وليس بالقبيلة فالواحات الداخلة لم تعرف كلمة قبيلة كـ "اسم" أو مسمى. وسيد موسيقى "السامر" هو "الزمر" وهو يشبه في تكوينه المزمار المعروف، ويقام في السقيفة المجاورة لمنزل العريس، والسقيفة هي الشارع المسقوف بتجاور البيوت أعلى الشارع.

اقرأ/ي أيضًا: الحب قبل الزواج.. محظور لدى قبائل اليمن

زفة العجول

يمر الزواج في الواحات المصرية بتفاصيل عديدة وتنتهي بليلة الدخلة ويقام في النهاية المولد والحضرة طلبًا لمباركة العرس دينيًا

في اليوم السابق للزواج تقام زفة من نوع خاص متميز في الفترة من العصر حتى الغروب، يشارك فيها من 20 إلى 40 ثور من أفضل ثيران الواحة، وقد علق على قبة كل ثور منديل ملون بينما علقت على رقبة الثيران التي ستذبح مناديل حمراء. وترقص بجوارها راقصات أو "الغوازي".

يوم التفصيل

وهي احتفالية تضم عنصرين أساسين: أخذ مقاسات العروس مع استعراض الأقمشة وسط غناء دال ومادح في طول العروس وجمالها. والعنصر الثاني تنقية القمح قبل طحنه استعدادًا لخبز العرس ويتم أيضًا بمصاحبة نسائية خاصة لهذه الممارسة.

ويمر الزواج في الواحات بتفاصيل عديدة قد تتطلب شهرين من التحضيرات والطقوس وتنتهي بليلة الدخلة ومن الأغاني ذات الأداء الجماعي التي يؤديها الشباب خارج غرفة الدخلة: "أني وياكي للصبح.."، ويقام في النهاية المولد والحضرة طلبًا لمباركة العرس دينيًا وإعلانًا لنهاية وقورة لطقس احتفالات طويل.

اقرأ/ي أيضًا:

طلب الزواج في الجامعة.. جرأة أم وقاحة؟

الزواج في غزة.. "سياسة ونصيب"!