18-سبتمبر-2015

سوريون يتظاهرون في واشنطن (Getty)

صورة الطفل السوري الغريق الذي لفظ البحر جثته إلى الشواطىء التركية أعاد إلى أذهان الأمريكيين صورًا من ذاكرتهم كشعب من المهاجرين. واستضافت محطة الـ"سي ان ان" أمريكيًا من أصول فيتنامية ذكرته صورة جثة الان كردي الممدة على الرمل بالمعاناة والمخاطر التي واجهها في طفولته عندما اضطرت عائلته، كما مئات آلاف الفيتناميين، إلى عبور بحر الصين على متن قوارب صيد هربًا من الحرب، وسعيًا للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يعلّم هذا الناجي الفيتنامي في أحد أبرز جامعاتها.

يجمع معسكر الجمهوريين الأمريكي على فشل سياسة إدارة أوباما بشأن سوريا

وتقارن مقالة صحفية نشرتها يومية أمريكية بين حكاية الطفل السوري الان كردي والمأساة التي أنهت رحلة هجرته إلى اوروبا، وبين حكاية مختلفة في زمن آخر لطفل سوري آخر هو الأمريكي ستيف جوبز، مؤسس شركة ابل، الذي هاجر والده في خمسينيات القرن الماضي إلى الولايات المتحدة.

على أن انشغال وسائل الإعلام الأمريكية بتغطية الحملات الانتخابية والسجالات السياسية التي أثارها المرشحون لانتخابات الرئاسة، وخصوصا مسألة الهجرة والمهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة، قدمت حوافز إضافية لإفراد فترات خاصة للتغطية المباشرة من عدة دول أوروبية، وواكبت رحلة آلاف العائلات السورية في طرقات ومحطات القطار الهنغارية وعبور الحدود النمساوية واستقبالهم على الأراضي الألمانية. المتحدثون باسم الحزب الديمقراطي حاولوا مقاربة مأساة "المهاجرين" السوريين في أوروبا بالمهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة الذين واجهوا أيضًا مخاطر عبور المحيط بقوارب صغيرة للهروب من الحروب والفقر في دول أمريكا اللاتينية.

أما العنصرية الأوروبية والتعصب الديني للمسيحية الذي عبرت عنها جلافة السلطات الهنغارية في تعاملها مع اللاجئين السوريين لها امتدادات في الولايات المتحدة. من أبرز رموز هذه العصبية العنصرية والدينية دونالد ترامب المرشح الجمهوري الأبرز لخوض معركة استعادة البيت الأبيض من باراك أوباما أول رئيس أمريكي من أصول أفريقية، والذي ما يزال اكثر من 60% من أنصار ترامب يعتقدون أنه لم يولد في الولايات المتحدة وأنه مسلم وليس مسيحيًا، حسب استطلاع رأي نشر قبل أيام. كما يتضمن برنامج ترامب الانتخابي ترحيل نحو 11 مليون مهاجر من دول أمريكا اللاتينة، وإلغاء قانون في صلب الدستور الأمريكي يعطي الجنسية الأمريكية لأي مولود جديد على الأراضي الأمريكية.

بينما محطة فوكس نيوز، التي تعبر عن اليمين المسيحي المتشدد، ارتأت تسليط الضوء من خلال الحديث عن محنة اللاجئين السوريين في أوروبا على مخاطر تهجير المسيحيين من سوريا والعراق وبلدان أخرى في الشرق الأوسط، كما أبرزت دعوة بابا الفاتيكان إلى المسيحيين في العالم إلى احتضان العائلات السورية وتقديم المساعدات لها. فيما انتشرت على مواقع التوصل الاجتماعي صور لعائلة سورية مسلمة تتعمد  في إحدى الكنائس بعد تحولها إلى المسيحية لتسهيل تأمين اقامتها في أوروبا.

ولم تأت الانتقادات لسياسات أوباما في سوريا على لسان المرشحين الجمهوريين فقط، الذين يجمعون على ضرورة التدخل العسكري الأمريكي في سوريا، وفشل المقاربة الأمريكية للمسألة السورية من مقولة الخطوط الحمراء ونظرية القيادة من الخلف، إلى شعار"no boots on the ground"، ومبدأ محاربة داعش قبل الأسد.

واحدة من أبرز الانتقادات الأخرى جاءت من صحيفة نيويورك تايمز التي نشرت مقالًا انتقد سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها حاليًا إدارة أوباما تجاه أزمة تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا، وتصرف هذه الإدارة وكأن مسألة تأمين حل عاجل لهذه الكارثة الإنسانية هي مشكلة أوروبية فقط. فيما ذهبت وجهات نظر أكثر تطرفًا إلى تحميل أوباما وليس بشار الأسد المسؤولية الأخلاقية عن مأساة اللاجئين السوريين.