31-أغسطس-2016

صورة لأبي محمد العدناني المتحدث باسم تنظيم داعش

تصدّر منذ يوم أمس الثلاثاء وسائل الإعلام مجتمعة، خبر إعلان "وكالة أعماق"، أحد أذرع تنظيم "الدولة الإسلامية"، عن مقتل المتحدث الرسمي باسم التنظيم، ومسؤول الدعاية الإعلامية، والعمليات الخارجية، أبي محمد العدناني، التي قالت إنه قتل "أثناء تفقده العمليات العسكرية في ولاية حلب"، والمرجح أنه قتل إثر غارة جوية نفذها سلاح الجو الأمريكي على مدينة "الباب" في ريف حلب الشرقي.

يشكل مقتل العدناني ضربة قوية لداعش في الوقت الذي تخوض فيه معارك ضخمة، وهو يعد من آخر قياديي التنظيم المؤسسين الذي لم يبق منهم سوى البغدادي

حتى ما قبل إعلان تنظيم الدولة، ما يعرف باسم "دولة الخلافة الإسلامية"، لم يكن اسم العدناني ظاهرًا بهذا القدر على الساحة الجهادية، إلى أن ظهر في تسجيل "كسر الحدود"، إلى جانب وزير الحرب، أبو عمر الشيشاني، الذي قتل في معارك مدينة الشرقاط العراقية، منتصف تموز/يوليو الفائت.

اقرأ/ي أيضًا: مأزق الخليج في مصر

في هذا التسجيل، الذي أعلن من خلاله إزالة السياج بين الحدود السورية-العراقية، قال العدناني في كلمته، التي كانت مقتضبة: "ما بعد إزالة هذه الحدود؛ حدود الذل! وكسر هذا الصنم؛ صنم الوطنية، إلا خلافة على منهاج النبوّة، إن شاء الله تبارك وتعالى، تحقيقًا لا تعليقًا"، ليظهر بعدها في التسجيل وهو يزيل السياج بـ"الجرافة".

لكن شهرة العدناني، الذي يعتبر الرجل الثاني في التنظيم، واليد اليمنى لزعيمه أبي بكر البغدادي، كانت أسبق من ظهور تسجيل الحدود، عندما ظهر في كلمة مسجلة بعنوان "ما كان هذا منهجنا ولن يكون"، في منتصف نيسان/أبريل 2014، مهددًا "تنظيم القاعدة"، ومعلنًا القطيعة النهائية بين التنظيمين إلى أن تعلن القاعدة "بيعتها والتوبة" لتنظيم الدولة.

وبالعودة السريعة لمسيرة العدناني، نجد أن الجميع اتفق على أن اسمه، طه صبحي فلاحة، وهو من مدينة بنش في ريف إدلب، يبلغ من العمر 39 عامًا، اعتقلته المخابرات السورية لأكثر من مرة، ثم توجه للعراق لقتال الاحتلال الأمريكي، قبل أن يلقى القبض عليه، ويحبس في سجن "بوكا" الشهير، إلى أن خرج في عام 2010، ويبدأ مسيرته مع تنظيم الدولة في عام 2011، وهو ما ترويه مواقع مهتمة بأخبار التنظيم.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا دخلت تركيا إلى الحرب السورية

وكان العدناني، بحسب عدة تقارير -صدرت اليوم عن الصحافة العالمية- مسؤولًا عن العمليات الخارجية، حيث كانت مهامه تجنيد العناصر وتدريبها، إضافة لتمويل العمليات التي تنفذها، ومدها بالسلاح والذخيرة، وهو ما ظهر فعليًا في رسالته الصوتية، التي نشرت في أيار/مايو من العام الحالي، مطالبًا فيها أنصار "الدولة الإسلامية"، بضرب مصالح الدول الغربية، والولايات المتحدة خلال شهر رمضان، والتي أنهاها بقوله: "أصغر عمل تقومون به في عقر دارهم، أفضل وأحب إلينا من أكبر عمل عندنا، وأنجع لنا".

ويشكل مقتل العدناني ضربة قوية للتنظيم، في الوقت الذي يخوض مقاتلوه معارك عنيفة في (سوريا، العراق، وليبيا)، وهو يعد آخر القياديين المؤسسين، الذين لم يتبقَّ منهم سوى زعيم التنظيم البغدادي.

ولعل أولى خسارات التنظيم في قيادات الصف الأول، كانت بمقتل سمير عبد محمد الخليفاوي، المعروف باسم حجي بكر، وهو ضابط سابق في المخابرات العراقية، وبحسب الوثائق التي نشرتها صحيفة "دير شبيغل" الألمانية، وقالت إنها حصلت عليها بعد مقتل الخليفاوي، في مدينة "تل رفعت" في ريف حلب، والذي يعتبر العقل المخطط لهيكلية التنظيم.

الوثائق التي نشرتها الصحيفة الألمانية، أظهرت أن الخليفاوي، وفق ما وصف كاتب التقرير "وضع خطة محكمة لدولة مخابرات إسلامية، دولة خلافة تديرها منظمة تشبه وكالة المخابرات الألمانية الشرقية"، المعروفة اختصارًا وشهرةً بـ"ستاسي".

كما أن توالي استهداف القياديين في التنظيم، شكل عامل ضعف لا قوة، والتي كان ثانيها مقتل "جون الإنجليزي"، الذي اشتهر بتسجيلات الإعدام، وقتل في غارة أمريكية في مدينة "الرقة"، ليأتي بعدها الدور على الشرعي السعودي، الذي عين مفتيًا داخل التنظيم، عثمان آل نازح، ثم فاضل الحيالي، أو أبو مسلم التركماني، والذي كان مسؤولًا عن تجنيد المكون التركماني في التنظيم.

وليقتل بعدها وسام عبد الزيدي، المعروف باسم أبو نبيل الأنباري، والذي كان مسؤولًا عن التنظيم بشكل كامل في ليبيا، وبعدها مقتل أنس النشوان، أو أبو مالك التميمي، أحد أهم القضاة الشرعيين في التنظيم، وأخيرًا أبو عمر الشيشاني، وزير الحرب، والعقل المخطط لعمليات التنظيم العسكرية، والمسؤول عن تجنيد العناصر في منطقة القوقاز.

والظاهر أن التنظيم فقد مصدرًا مهمًا في العقول المدبرة لعملياته العسكرية، وهو ما يوضح خسائره المتوالية لمناطق سيطرته، في البلدان الثلاثة عينها، وانحسار مناطق نفوذه، رغم تأكيده الدائم على أنه لم يتأثر، وهو ما يؤكده في تسجيلاته المصورة، التي لا يتوانى فيها عن إظهار من يصفهم بـ"أشبال الخلافة"، وعليه يجب الانتظار قليلًا لمعرفة خليفة العدناني، الذي كان من المرشحين البارزين لشغل منصب زعيم التنظيم، وتاليًا إن كان التنظيم لم يتأثر فعلًا بهذا الكم الهائل من الخسائر.

اقرأ/ي أيضًا:

صفقة أسلحة تاريخية بين أمريكا وإسرائيل

رجل المخابرات الأمريكية الذي يسبب صداعًا لأمريكا