26-نوفمبر-2016

في حلب (Getty)

تشتدُ حمى الحملة العسكرية التي يشنها النظام السوري وحلفاؤه على حلب، بدعم جوي من مقاتلات روسية، بعد وصول "أسطول الشمال" الروسي إلى البحر المتوسط، وتمركزه قبالة السواحل السورية، في الوقت الذي تدخل فيه عملية "درع الفرات" مرحلة جديدة، نتيجة استهدافها للمرة الثانية من قبل مقاتلات سورية في ريف حلب الشرقي.

تشن روسيا وقوات الأسد هجومًا دمويًا على حلب الشرقية، رغبة في الانتهاء من السيطرة عليها، في الفترة الانتقالية للرئاسة الأمريكية

وشهدت جبهات الشطر الشرقي المحاصر، تطورًا نسبيًا صباح أمس الجمعة، عندما تمكنت قوات النظام والميليشيات الإيرانية من التقدم داخل حي "مساكن هنانو"، قبل أن تستعيد قوات المعارضة زمام المبادرة، وتسترجع المواقع التي خسرتها، إلا أن ذلك لا يعني أن وضع الخارطة العسكرية للمدينة التي احتاج التخطيط لحصارها فترة ثلاثة أعوام، سيبقى على ما هو عليه لاحقًا.

اقرأ/ي أيضًا: خيارات السوريين..الموت أو الباصات الخضراء

ووفق ما ذكرته عديد التقارير الغربية، وتصريحات المبعوث الأممي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، والتي عبرت جميعها عن تخوفها من استغلال النظام الفترة التي تسبق تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الرئاسة، بعد نحو شهرين تقريبًا، وهو أن يعمد لشن هجوم "وحشي" على المدينة، حيثُ يبدو أنه بدأ يرسم خططًا جديدة، لاستعادة السيطرة على مناطق واسعة خارجة عن سيطرته، من بينها عدد من المدن في ريف دمشق، وهو ما يبدو أنه يتحقق بشن روسيا والنظام هجمات عسكرية على الكثير من مناطق المعارضة.

التطور اللافت في عمليات النظام العسكرية في حلب وريفها، كان استهداف مقاتلاته أمس الجمعة، لمقاتلي "الجيش السوري الحر"، المدعوم من القوات التركية، في ريف حلب الشرقي، للمرة الثانية في أقل من يومين، متجاهلًا تحذيرات المسؤولين الأتراك، الذين أكدوا أنهم لن يسكتوا على ذلك.

وكالة "سانا" أكدت بدورها، في خبر نشر عبر موقعها الرسمي، أن "وحدات الجيش والقوات الرديفة والحليفة"، في إشارة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" التي تقودها القوات الكردية، سيطرت على مساحة بحجم 120 كم، في الريف الشمالي الشرقي لحلب، وهي ذات المنطقة التي يخوض فيها "الجيش السوري الحر" معاركًا عنيفة ضد ما يعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية"، بعد أن أصبح على مشارف مدينة "الباب".

أما فيما يخص الحملة العسكرية، التي بدأها النظام على الشطر الشرقي لمدينة حلب، منذ نحو 10 أيام، فإنه يسعى جاهدًا لإنهاك المدنيين المحاصرين داخلها، من خلال تكثيفه لعمليات القصف البري والجوي، ومحاولته اقتحامها من كافة الجبهات، بهدف قسمها إلى نصفين، وهو ما يساعده في إحكام السيطرة عليها، وتقول الإحصاءات إنه قضى خلال الحملة الحالية أكثر من 300 قتيل، فيما خرجت المستشفيات المتواجدة فيها عن الخدمة.

وتكمن أهمية معركة حلب، في أنها ستحدد واجهة المرحلة القادمة للأزمة السورية، ولذلك نجد أن الميليشيات الشيعية زجت بأعداد كبيرة من مقاتليها، لأن استعادة السيطرة على ثاني المدن الكبرى تعني أن النظام سيبدأ بإعداد خطة لبدء اقتحام الريف الحلبي، بمساندة برية من "قسد"، التي ظهر في الفترة الأخيرة حجم التنسيق بين الطرفين.

إن لم تتمكن قوات المعارضة من كسر حصار حلب، فإننا سنشهد عملية تهجير قسري جديدة، تضاف إلى سجل انتهاكات النظام وحلفائه في سوريا

اقرأ/ي أيضًا: حلب..معركة النفس الأخير

وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزته قوات المعارضة، عندما أعلنت انطلاق المرحلة الثانية من "ملحمة حلب الكبرى"، وتقدمت إلى مواقع استراتيجية، لكنها ما لبثت أن تراجعت، من دون أن تبرز أي أسباب تدعو لهذا التراجع، سوى أنها تحدثت عن أن سلاح الجو الروسي أحدث فرقًا في المعركة على الأرض، ما جعلها تخسر المواقع التي كسبتها خلال يومين، متجاهلة اقتتال الفصائل فيما بينها داخل الأحياء المحاصرة.

وهنا لا بد من الإشارة لتصريحات المسؤولين الإيرانيين، وقبلها قادة ميليشيا "الحشد الشعبي" العراقية، من أنهم بعد معركة الموصل سيتوجهون إلى سوريا، لاستكمال معاركهم ضد "تنظيم الدولة"، وبالتالي فإن المرحلة القادمة تُنذر بتطورات مهمة من ناحية الخارطة العسكرية، والتي من الممكن أن تشهد تحالفًا بين الحشد و"قسد" في ريف الرقة، نظرًا لبطء عملية "غضب الفرات"، قياسًا بمعركة "الموصل" التي تريد الولايات المتحدة استعادة السيطرة عليها قبل نهاية العام الجاري.

وفي حال حصل هذا التحالف، ومن المرجح أن يعلن عنه مع بداية العام القادم، فإن قوات المعارضة ستجد نفسها أمام قوة عسكرية كبيرة، مبنية على تفاهمات مسبقة، برزت معالمها في ريف حلب الشرقي، والسباق في عملية السيطرة على مدينة "الباب"، وهو ما يحتم عليها المسارعة في عملية الاندماج التي أعلن عن فشلها في وقت سابق.

ويظهر أن السيناريو المعد للأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب، يشابه ما حصل من سيناريوهات التغيير الديموغرافي في ريف دمشق الغربي، حيثُ إن المفاوضات حاليًا تجري على إفراغ المدينة من قوات المعارضة، والأهالي الراغبين بذلك، وفتح ممرات آمنة لهم للخروج إلى ريف حلب، إذ إنه إن لم تتمكن قوات المعارضة من كسر الحصار، فإننا سنشهد عملية تهجير قسري جديدة، تضاف إلى سجل انتهاكات النظام وحلفائه في سوريا.

اقرأ/ي أيضًا: 

ملحمة حلب الكبرى..عين المعارضة على المدينة كلها

جيش الفتح يبدأ المرحلة الثانية من معركة حلب