05-ديسمبر-2016

من مشاهد الدمار في حلب الشرقية بعد القصف الروسي لها (جورج أولفليان/ أ ف ب )

لا تزال المعارك على أشدها على جبهات الشطر الشرقي المحاصر في مدينة حلب، رغم الدعوات الدولية للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إليها، وإجلاء المرضى المصابين من خارجها، وإصرار روسي على انسحاب مقاتلي المعارضة منها، وهو ما ترفضه الأخيرة حتى اللحظة، مصرة على إجلاء المدنيين فقط.

رغم المعارك العنيفة التي تخوضها المعارضة في حلب، إلا أن ذلك لم يثنِ "فتح الشام" عن مداهمة مقرات فصائل أخرى بالمدينة وسرقة أسلحتها

واستطاعت قوات النظام والميليشيات الأجنبية الممولة إيرانيًا، بدعم جوي روسي، أن تتقدم إلى مناطق جديدة، وتقدر المساحة التي سيطر عليها النظام بـ60%، من حجم المساحة المسيطر عليها من المعارضة السورية قبل نحو أربعة أعوام تقريبًا.

اقرأ/ي أيضًا: جحيم حلب..على نار المفاوضات الروسية

وبدأ النظام السوري وحلفاؤه عملية عسكرية كبيرة، قبل 20 يومًا، بهدف استعادة السيطرة على الشطر الشرقي لمدينة حلب، بعد فرضه عليها حصارًا خانقًا في تموز/يوليو الفائت، وحتى أمس الأحد استعاد النظام السيطرة على "كرم الطراب، الجزماتي، طريق الباب، الحلوانية"، وسط أنباء تشير إلى سيطرة النظام على مستشفى "العيون"، حيثُ يشهد محيطها اشتباكات عنيفة.

وفي حال تمكن النظام من السيطرة على مستشفى "العيون"، والمناطق المحيطة بها، فإنه بذلك يكون استطاع ربط الأحياء التي سيطر عليها بقلعة حلب، وبالتالي سيقوم بتقسيم الشطر الشرقي إلى شطرين، ويفصل بين قوات المعارضة المحاصرة فيها، وهو ما أكده مسؤول من تحالف "الجبهة الشامية" في حديثه لـ"رويترز"، واصفًا معركة "حلب القديمة" حيثُ تقع قلعتها بـ"الأرض المحروقة".

ورغم المعارك العنيفة التي تخوضها فصائل المعارضة في الشطر الشرقي، والخسائر التي تتكبدها داخل المدينة، إلا أن ذلك لم يثنِ جبهة "فتح الشام" وكتائب "أبو عمارة"، عن مداهمة مقري "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن"، في حييّ (بستان القصر، والكلاسة)، والاستيلاء على الأسلحة والمواد الغذائية وغيرها، بحجة عدم تواجدهما على جبهات القتال، بحسب ما تناقلت حسابات رسمية لقادة من المعارضة على موقع "تويتر".

وليست هذه المرة الأولى التي تقوم فيها "فتح الشام"، وكتائب "أبو عمارة"، بمداهمة أحد مقرات الفصائل، في الوقت الذي تشهد فيه جبهات المدينة خسائر كبيرة، إذ حين أُعلن عن "ملحمة حلب الكبرى" الثانية، وبينما كانت قوات المعارضة تحاول السيطرة على مشروع "3000 شقة"، كان الفصيلين عينهما يداهمان مقر "تجمع فاستقم كما أُمرت"، وهو ما يثير التساؤل حول الأسباب الكامنة وراء هذا الاقتتال، الذي يتجاهل المصير الإنساني المجهول للمدينة.

وفي خطوةٍ تحاول الكشف أكثر عن الأسباب التي أدت لفشل مشروع الاندماج بين فصائل المعارضة، أوضح القاضي الشرعي لتحالف "جيش الفتح"، عبد الله المحيسني، في برنامجه الأسبوعي "الشام في أسبوع"، أن السبب وراء فشل الاندماج كان فصيلا: حركة "أحرار الشام الإسلامية"، وجبهة "فتح الشام"، بعد تبديل اسمها من "جبهة النصرة"، وإعلان فك ارتباطها من "تنظيم القاعدة"، حيثُ أشار المحيسني إلى أن أسباب الخلاف تمثلت بـ"الإمارة والنفوذ".

تسعى روسيا إلى اتفاق يقضي بخروج مقاتلي المعارضة من الشطر الشرقي، فيما لا تزال واشنطن تلتزم الصمت حيال المقترح الروسي

اقرأ/ي أيضًا: مجزرة حلب المستمرة..إعدام ميداني للأحياء الشرقية

ورغم تأكيد رئيس "المكتب السياسي" لتجمع "فاستقم كما أُمرت"، زكريا ملاحفجي، في حديث لـ"رويترز"، أن قوات المعارضة لن تنسحب من الشطر الشرقي المحاصر، وأن يتم السماح العاجل بدخول المساعدات الإنسانية، وإجلاء المصابين والجرحى، فإن النظام السوري وحليفه الروسي عازمان على استعادة السيطرة على المدينة قبل التوصل لأي صيغة اتفاق، في ظل إصرار المعارضة على الصمود داخل المدينة، التي تشهد أقوى معركة ضد النظام السوري، منذ اندلاع الثورة في منتصف آذار/مارس عام 2015.

ويجتمع مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الاثنين، للتصويت على مشروع قرار صاغه كل من مصر، نيوزيلندا، إسبانيا، ينص على "هدنة إنسانية لمدة سبعة أيام قابلة للتجديد"، لكن يتوقع أن يفشل المجتمعون في التوصل إلى صورة نهائية لبنوده، حتى لو صوت معظم الأعضاء عليه، لأنه لا يلزم أيًا من الأطراف تنفيذه، عكس القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة التي تتمتع باستخدام حق "الفيتو".

وتسعى روسيا إلى اتفاق يقضي بخروج مقاتلي المعارضة من الشطر الشرقي، فيما لا تزال واشنطن تلتزم الصمت حيال المقترح الروسي، وتم تعزيزه مؤخرًا بتصريح ملاحفجي، ما يعني أن النظام سيستمر بالتقدم إلى الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة، إذ إن المساحة الجغرافية التي كانت بها سابقًا، أصبحت أكثر انحسارًا وضيقًا، لذا ليس من المستبعد أن يسيطر النظام وحلفاؤه على كامل المدينة قبل نهاية العام الجاري، وأن يفتح صفحة جديدة للحرب السورية قبل استلام الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب.

وتتجاهل فصائل المعارضة، خاصة الإسلامية منها، الاحتقان الشعبي الذي يسود في مناطق سيطرتها، في مختلف الأنحاء السورية، نتيجة الخسائر المتوالية، وحالة الخذلان التي تطغى على المشهد الحلبي، وهو ما قد ينذر بانتفاضة شعبية عليها، بدأها أهالي "معرة النعمان" بريف إدلب، ضد انتهاكات جبهة "فتح الشام" قبل خمسة أشهر تقريبًا، حيث من الوارد جدًا، اندلاع ثورة ضدها، قبل الانتهاء من تحقيق أهداف الأولى، إلا أنها تبدو ضرورية للمحافظة على المكاسب التي حققتها خلال السنوات الخمس الفائتة، حتى ولو كانت قليلة ومحدودة.

اقرأ/ي أيضًا: 

حلب..هل تنتهي المقتلة بالتهجير القسري للمعارضة؟