09-أكتوبر-2016

مقاتل من الجيش السوري الحر في حلب المحاصرة (جون كنانتل/أ.ف.ب)

في اجتماع عاصف بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، استخدمت روسيا يوم السبت الـ8 من تشرين الأول/أكتوبر 2016 حق الفيتو لرفض مسودة قرار فرنسي كان ليطالب بوضع حدٍ للضربات الجوية والطلعات الجوية العسكرية فوق مدينة حلب السورية، بينما فشلت مسودةٌ روسية منافسة في الحصول على تسعة أصوات بالموافقة، وهو الحد الأدنى لتمريرها.

 وزير الخارجية الفرنسية: "إذا لم نفعل شيئًا فإن حلب سوف تذكر في التاريخ كمدينة تم ترك سكانها لجلاديهم"

لم يكن النص الروسي في الواقع سوى المسودة الفرنسية مع تعديلاتٍ روسية، حيث حذف مطلب وضع حدٍ للضربات الجوية على حلب وأعاد التركيز مجددًا على اتفاقٍ فاشل لوقف إطلاق النار أقرته الولايات المتحدة وروسيا، والذي تم ضمه إلى المسودة.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تحولت مكاسب روسيا في سوريا وأوكرانيا لخسائر؟

وقال السفير البريطاني إلى الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت قبل التصويت إنه سوف يكون "يومًا سيئًا للغاية لروسيا، لكنه سيكون يومًا أسوأ لسكان حلب، لأنه طالما ظل ليس هناك توافق في المجلس فإنه لن يكون هناك نهايةٌ لتلك الحرب".

وتحارب قوات الرئيس السوري بشار الأسد، بدعمٍ من طائراتٍ حربية روسية ومساعدةٍ إيرانية، لاستعادة حلب الشرقية، وهو النصف الذي تسيطر عليه المعارضة من أكبر مدينة سورية، حيث يوجد أكثر من 250,000 من المدنيين المحاصرين.

"لقد أصبحت روسيا أحد متعهدي توريد الإرهاب الرئيسيين في حلب، باستخدام تكتيكاتٍ ترتبط بقطاع الطرق أكثر من الحكومات"، قال نائب السفير الأمريكي إلى الأمم المتحدة ديفيد بريسمان خلال الجلسة. وأضاف أن روسيا "عازمةٌ على السماح باستمرار القتل كما أنها تشترك بالفعل في القيام به" وأن المطلوب من موسكو هو "حديثٌ أقل وفعلٌ أكثر من طرفهم لإيقاف المذبحة".

ويحتاج قرار الأمم المتحدة إلى تسعة أصوات لصالحه مع عدم استخدام حق الفيتو حتى يتم تبنيه. الدول التي تملك حق الفيتو هي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين. لم يحصل النص الروسي سوى على أربعة أصوات بالموافقة، وبالتالي لم يكن هناك حاجةٌ إلى استخدام الفيتو لرفضه.

وحصلت المسودة الفرنسية على 11 صوتًا بالموافقة، بينما امتنعت الصين وأنغولا عن التصويت، وانضمت فنزويلا إلى روسيا في التصويت برفضه.

مصر كانت هي الدولة الوحيدة التي صوتت بالموافقة على كلا المسودتين الفرنسية والروسية بخصوص حلب، رغم تعارضهما!

وتعد تلك المرة الخامسة التي تستخدم فيها روسيا حق الفيتو لرفض قرارٍ للأمم المتحدة بشأن سوريا على مدار الصراع المستمر منذ خمس سنوات.

وقد دعمت الصين موسكو في المرات الأربع السابقة في حماية الحكومة السورية من تحرك المجلس، بما في ذلك استخدام حق الفيتو لرفض إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ووصف السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، وهو رئيس المجلس منذ بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر، التصويت المزدوج يوم السبت بأنه "أغرب مشهد في تاريخ مجلس الأمن".

"بالنظر إلى أن الأزمة في سوريا في مرحلةٍ حرجة، حيث من المهم للغاية أن يكون هناك تنسيقٌ للجهود السياسية للمجتمع الدولي فإن تلك المضيعة للوقت غير مقبولة"، صرح تشوركين أمام المجلس.

ولم تحصل روسيا إلا على دعم الصين وفنزويلا ومصر لمسودة قرارها، بينما امتنعت أنجولا وأورجواي عن التصويت وصوتت باقي الدول الأعضاء التسعة ضد القرار.

يذكر أن مصر كانت هي الدولة الوحيدة التي صوتت بالموافقة على كلا المسودتين الفرنسية والروسية.

"إذا لم نفعل شيئًا فإن تلك المدينة (حلب) سوف تتحول قريبًا إلى أطلال وسوف تذكر في التاريخ كمدينةٍ تم ترك سكانها لجلاديهم"، قال وزير الخارجية الفرنسية جان مارك أيرولت. وأضاف: "إذا لم يستيقظ المجتمع الدولي فإنه سوف يتشارك المسؤولية".

يذكر أن جلسة الأمن تأتي بعد أسبوع مشحون بالتصريحات العنيفة من جانب الولايات المتحدة ضد الممارسات الروسية في سوريا، وخاصة في حلب، الغضب الأمريكي من روسيا، كان قد وصل إلى حد التهديد بقصف قوات بشار الأسد لإجباره على وقف قصف المدنيين والجلوس إلى طاولة المفاوضات.

فشل مجلس الأمن في تبني قرار لوقف القتل في حلب، يعني وضع الولايات المتحدة مرة أخرى في مواجهة روسيا التي ترفض القيام بأي تنازل في سوريا، وتريد حسم الأمور عسكريًا مع استنزاف القوى الدولية في مبادرات وحلول سياسية لا تعني لها سوى وسائل لشراء الوقت.

اقرأ/ي أيضًا:

هل تعزل موسكو نفسها دوليًا؟