12-سبتمبر-2016

صورة لمجلس الشعب المصري

1

رغم التأكيد المسبق من رئيس مجلس النواب للأعضاء بضرورة الحضور في الجلسة العامة الختامية لدور الانعقاد الأول للمجلس من أجل "الاحتفال" وخلافه، إلا أن أن السادة نواب ائتلاف دعم مصر، ائتلاف الأكثرية في البرلمان، قد وصلتهم رسالة على "واتس آب" تحثهم على الحضور بكثافة في "احتفالية" الجلسة الختامية لدور الانعقاد الأول بحضور رئيس الوزراء وعدد من الوزراء. كانت المخاوف كبيرة من عدم اكتمال النصاب القانوني في تلك الجلسة الموعودة ولذا كانت التأكيدات تتالى وتختلف وسائلها: هناك أكثر من 100 نائب يؤدون فريضة الحج ومثلهم تقريبًا سافروا إلى مدنهم البعيدة ليكونوا بجوار أبناء دائرتهم فهم أولى وأهم في مثل هذه الظروف من المجلس ورئيسه وكلمة رئيس الوزراء أو أي كلمة محتملة في هذا "الاحتفال". الحمد لله اكتمل النصاب القانوني بالكاد، وتم انعقاد الجلسة، وشكر رئيس الوزراء المجلس الموقر ونوابه على ما بذلوه من جهد مخلص وأداء متميز امتد على مدار الجلسات العامة واللجان النوعية، مما يؤكد على حرصهم على مصلحة الوطن والمواطن ووضعهما فوق كل اعتبار.

هناك أكثر من 100 نائب يؤدون فريضة الحج ومثلهم تقريبا سافروا إلى مدنهم البعيدة ليكونوا بجوار أبناء دائرتهم

اقرأ/ي أيضًا: ضرائب بالجملة في مصر.. والمشرعون معفون منها!

2

ذات مرة، كان هناك شيء اسمه مجلس النواب المصري وثمة شيء آخر اسمه تقرير الإنجازات الرقابية والتشريعية للبرلمان. وفي يوم ما كشف تقرير الإنجازات الرقابية والتشريعية للبرلمان في دور الانعقاد الأول، الذي بدأ في كانون الثاني/ يناير الماضي وانتهى في جلسة الثلاثاء الماضي، عن عقد 94 جلسة عامة بواقع 266 ساعة عمل. هذا ما أخبرنا به علي عبد العال رئيس مجلس النواب المصري في قراءته للتقرير، حيث استفاض في قراءته في جلسة سرية – كعادة جلسات برلمان عبد العال - وأسماها هو جلسة تاريخية، وذكر أن مجلسه ناقش 1226 مادة ونظر 82 مشروع قانون، منها اثنان تقدم بها 10 نواب و80 مشروع قانون تقدمت بها الحكومة، من بينها الموازنة العامة للدولة عن العام المالي 2016-2017، وبناء وترميم الكنائس والضريبة على القيمة المضافة وقانون الخدمة المدنية وقانون المعاشات.

وذكر أن عدد النواب المتحدثين تحت قبة البرلمان بلغ قرابة 538 نائبا من أصل 596 نائبا، أي هناك حوالي 50 نائبًا لم يسمع أحد صوتهم سوى في الجلسة الافتتاحية للمجلس حين حلفوا اليمين الدستورية. أرقام أخرى كثيرة ومفاجئة وكوميدية يحتشد بها التقرير الذي قرأه عبد العال، ولكن هناك أرقام أخرى لم يذكرها التقرير ربما كانت ستكون مفيدة لو اطلع عليها الشعب المصري وهناك أسئلة يتم تغييبها عمدا. من المفيد -بالنسبة لي على الأقل كمواطن مصري- معرفة عدد الجلسات التي حضرها كل نائب، وعدد الجلسات التي تغيّب عنها، وكم من الوقت تم تضييعه قبل بدء انعقاد الجلسات، وطبيعة ودلائل الدور الرقابي الذي قام به البرلمان تجاه عمل الحكومة.

ربما يمكن الحديث عن "تاريخية" الجلسة حين يتمكن البرلمان من وضع حد لمسلسل تجويع المصريين وغلاء الأسعار الذي يلتهم أي زيادة ممكنة أو محتملة لدخل المواطن. الجلسة التاريخية ربما تكون تاريخية فعلًا حين يمارس البرلمان دوره الأساسي في محاسبة وملاحقة الفاسدين، وهؤلاء من الوارد جدا أن يكونوا من داخله بالنظر لتاريخ طويل من فساد المسؤولين وأصحاب السلطة في مصر.

ربما لا يكون مناسبًا الحديث عن أداء البرلمان ورئيسه الباهت والمتواضع والمخيب لآمال المناصرين قبل المعارضين، لأن الدكتور عبد العال يرى أن ثمة مؤامرة كونية تحيق بمجلسه وبشخصه، لكن ربما يكون مفيدًا الحديث عن أجندة تشريعية ورقابية للمجلس في الشهور الثمانية الماضية. وربما يمكننا التذكير بأن برلمان "شبه الدولة" – على حد تعبير الرئيس السيسي - لم يشهد استجوابا واحدا للحكومة طيلة 94 جلسة ماضية، وغالبًا لن يشهد أبدًا مثل هذه الأمور التي ربما تكون غير متوافقة مع اهواء وميول وانحيازات أغلبية النواب الذين يعلم الجميع إلى أين يديرون أشرعتهم. وربما يمكننا الحديث عن طبيعة فهم النواب لأبسط وظائف دورهم النيابي ومسؤوليتهم تجاه ناخبيهم كي يصحّ فيهم كلام رئيس الوزراء، الذي غالبا لا يعرف قطاع معتبر من الشعب المصري اسمه أصلاً.

3

مصر تستحق أفضل من ذلك.

اقرأ/ي أيضًا:
الموازنة المصرية.. عدالة غائبة ووعود بعيدة
نواب ووزراء القاهرة تحت الحصار.. 9 مشاهد للتظاهرات