22-يونيو-2016

فرقة تيناريوين (فيسبوك)

"أهلا بكم في الصحراء"، هكذا يبتدئ أعضاء فرقة تيناريوين حفلاتهم. يحمل "فتية الصحراء الملثمين" الصحراء معهم أينما ذهبوا، سفراء لموسيقى "الأسوف" النابعة من عمق قبائل الطوارق والأزواد، في المنطقة الحدودية بين الجزائر ومالي. هي موسيقى الرجال الزرق، التي تحاكي قصة الأرض والهوية والإنسان. حين تشاهد مقاطع من حفلات الفرقة، والتي احتضنتها كبرى عواصم العالم، وتشاهد ذاك التجاوب من جماهير تكتشف إيقاعات الصحراء لأول مرة، تتأكد حقًا أن الموسيقى شعور إنساني مشترك، تزول أمامه أسوار اللغة والانتماءات.

تحمل فرقة تيناريوين الصحراء معها، سفراء لموسيقى "الأسوف" النابعة من عمق قبائل الطوارق والأزواد، في المنطقة الحدودية بين الجزائر ومالي

"من الكفاح المسلح إلى موسيقى الكفاح"، قد تكون هذه العبارة ملخصًا لحياة الفرقة منذ ظهورها، فلقد نشأت الفرقة داخل مخيم عسكري بالأراضي الليبية نهاية السبعينيات، أعضاء الفرقة جمعهم ألم المنفى، وحمل السلاح من أجل تحرير وتوحيد أرض الطوارق، ثم استبدلوا رشاشاتهم بغيتارات بعد توقيع اتفاقية السلام مع مالي، لكنهم واصلوا كفاحهم، بطريقتهم الخاصة، لقد أوصلوا صوت هويتهم لكل الربوع، ولفتوا نظر العالم لقضية شعب في عمق الصحراء الكبرى، تلك الصحراء التي اختارها أعضاء الفرقة كي تكون اسمًا لهم، فكلمة "تيناريوين" تعني الصحاري باللغة الأمازيغية.

اقرأ/ي أيضًا: محمد دحة.. أن تحارب الإسمنت بقيثارة

لقد كان أول ظهور للفرقة عام 1978 بمدينة تمنراست الجزائرية، على يد مؤسسها إبراهيم آغ الحبيب، استمدوا من موسيقى الطوارق التقليدية روح أغانيهم، وأدخلوا آلة الغيتار، فكان ذلك المزيج الساحر بين الأسوف والروك، إنها بصمة تيناريوين الخاصة، واختارت الفرقة لهجة "التماشق" الأمازيغية لغة رئيسية لأغانيهم، بل وأعادوا إحياء أهازيج قديمة وتراثية كان شبح الزوال يهددها.

الجميل في فرقة تيناريوين أنها ترفض أن تنسب لجنسية معينة، أو بلد ما، أعضاء الفرقة السبعة يعتبرون أنفسهم سفراء لشعب الطوارق، ويرون أن صوتهم هو صدى شعبهم في مالي، الجزائر، ليبيا وموريتانيا وكذلك نيجيريا.

طرقت الفرقة أبواب العالم عام 2001، حين شاركت في مهرجان"toucouleurs" بفرنسا، كانت ردود أفعال الجمهور إيجابية جدًا، لقد قدمت تيناريوين أوراق اعتمادها للعالم، أنتجت الفرقة في ذات العام ألبومها الأول "راديو تيسداس"، بعدها حققت الفرقة نجاحًا باهرًا في مهرجان "موسيقى الصحراء" في مالي، وسجلوا ألبومهم الثاني "اماسكول نتينيري" أي رحالة الصحراء، ، ليأتي ألبوم "أمان إيمان" أي "ماء الحياة" والذي أدرجت فيه رائعة "أنا أسكن الصحراء"، أحد أجمل أغاني الفرقة، والذي يمكن وصفه بالنشيد، تحكي فيه الفرقة عن أسطورة النضال من أجل الأرض، عن الحق في الحياة، وعن آمال شعوب الصحراء في غد أفضل ومستقبل أجمل.

نشأت فرقة تيناريوين داخل مخيم عسكري، جمعهم ألم المنفى، وحمل السلاح من أجل تحرير وتوحيد أرض الطوارق، ثم استبدلوا رشاشاتهم بالغيتارات

اقرأ/ي أيضًا: مورغان فريمان.. أسعى لتحقيق السعادة والسكينة

بعدها، قصدت الفرقة صحراء الجزائر أين اعتكفت لإنتاج ألبوم "طاسيلي"، رحلة في مشاهد الصحراء وسكونها، حقق الألبوم نجاحًا عالميًا وحاز على لقب "موسيقى العالم" ضمن جوائز "الغرامي" لعام 2011 وهي أحد الجوائز الموسيقية السنوية الأربع الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد ذلك أنتجت الفرقة ألبومها الأخير "ايمار" والذي تعرضه في جولة عالمية تشمل 29 محطة، بدأتها الفرقة من النرويج في شهر آذار/مارس، لتنهيها في "بوغوتا" بكولومبيا في شهر آب/أغسطس.

بعد هذا النجاح، صارت الدعوات تتوالى لتشارك الفرقة في عديد المهرجانات عبر العالم، في فرنسا وألمانيا وأمريكا والشيلي وكرواتيا وغيرها من الدول، وعملت الفرقة على تطوير موسيقاها لتصبح مزيجًا من البلوز والروك والأسوف، وتصنع تزاوجًا فريدًا بين الغيتارة وألة الإمزاد، فقط مع تيناريوين يمكنك سماع نبرة الحزن في موسيقى الروك الصاخبة.

وكان نجاح الفرقة، حافزًا لعديد الفرق الأخرى للظهور، وفتحت الباب أمام جيل صاعد من أبناء الصحراء، بعد أن كان امتلاك أشرطتهم مخالفة قانونية في مالي، لقد كسبت موسيقاهم ثقة واعتراف العالم، وغدت جزءًا مهمًا في رحلة التعريف بشعب الطوارق وهويته ونضاله، لقد صارت الموسيقى اليوم أحد أكثر الأساليب تأثيرًا وأحد وسائل كسب التأييد والتعاطف، إنها موسيقى الكفاح.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حمزة نمرة.. راوٍ يتجول بالأغاني

يوسف الإمام.. جمهور المراهقين المصريين هم هدفي