16-يوليو-2016

مدرعة جيش ملقاة في الطريق بعد فشل الانقلاب التركي (getty)

دخلت الجمهورية التركية، أمس الجمعة، منعطفًا جديدًا من حياتها السياسية، بعد إفشال الشعب التركي، محاولة انقلاب أو تمرد، نفذها قائد القوى الجوية ومجموعة قوات الشرطة وفرق مشاة، بقيادة المستشار القانوني لرئيس هيئة الأركان محرم كوسا، قبل أن يفشل الشعب التركي المحاولة، وأرغم القوات التي احتلت الشارع على التراجع.

أهم ما جاء في كلمات أردوغان المختلفة أن "تركيا الجديدة غير تركيا القديمة"، مؤكدا على أن ما حصل كان ضروريًا لتنظيف الجيش من العناصر "الخائنة"

الحكومة التركية الحالية، ممثلًة برئيسها علي بن يلدريم، أعلنت صباح اليوم السبت رسميًا، عن فشل محاولة الانقلاب، واعتقالها لمئات الجنود والضباط في الجيش التركي وقوات الشرطة، بينهم ضباط برتب عسكرية عالية، وسط إحصائيات تقول إن عشرات القتلى والجرحي سقطوا خلال يومي الجمعة والسبت، وعزلها لمئات الضباط والقضاة، بينهم 5 من المحكمة العليا، داعيًة الشعب للبقاء في الشارع حتى عشية اليوم عينه.

اقرأ/ي أيضًا: هل ستسقط الاقتصادات الصاعدة؟

أولى الملاحظات المأخوذة على محاولة الانقلاب، التي تعرضت لها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، كانت في تصريحات المسؤولين الأوروبيين الحذرة، كون اللحظات الأولى التي رافقت المحاولة، أظهرت أن المنقلبين على الشرعية الشعبية، سيطروا على مفاصل مهمة من المؤسسات والشوارع في أنقرة وإسطنبول، من بينها احتجازها رئيس الأركان التركي خلوصي آكار، وإذاعة البيان رقم واحد عبر المحطة التركية الرسمية، إضافة لقطعها الطريق بالدبابات بين القسمين الأوروبي والأسيوي في إسطنبول، وتوقف العمل في مطار "أتاتورك" الدولي.

مهندس محاولة الانقلاب، العقيد محرم كوسا، في سجله تخطيط لمحاولة إنقلاب فاشلة عام 2003، عرفت باسم مخطط "بيلوز"، عين مستشارًا لرئيس الأركان، بعد إسقاط تهم التخطيط لمحاولة تنفيذ الانقلاب، التي أوقف على إثرها عن العمل، وذكرت التقارير التركية أن 45 ضابطًا رفيع المستوى في الجيش التركي، شاركوا في محاولة الانقلاب الفاشلة.

معظم الدول التي أدانت العملية الانقلابية، انتظرت أكثر من ساعة، فعليًا الإدانات بدأت تتوالى، بعد إعلان وسائل الإعلام العالمية، عن اتصال مشترك بين الرئيس التركي رجب أردوغان ونظيره الأمريكي باراك أوباما، وخروج أردوغان عبر خدمة "السكايب" على قناة "NTV" التركية، موجهًا دعوة للشعب التركي كاملًا بالنزول إلى الشارع للدفاع عن الديمقراطية الشعبية.

اقرأ/ي أيضًا: إسرائيل وعضوية الاتحاد الأفريقي..احتمالات وتداعيات

التصريحات الرسمية الصادرة عن الحكومة التركية، قالت إن جماعة تابعة للداعية فتح الله غولن، هي من حاول الانقلاب على الشرعية الشعبية، فيما اتحدت أحزاب المعارضة التركية جميعها ضد الانقلاب، والتي كان أبرزها تصريح حزب "الشعوب الديمقراطية"، الذي قال إنه "يقف ضد الانقلاب العسكري بشتى الوسائل"، وهو ما أكدته جميع الأحزاب المعارضة.

الضربة الثانية التي تلقاها قادة الانقلاب، تمثلت في توجيه أردوغان رسالة للشعب التركي، الفترة الزمنية التي خاطب بها مؤسس حزب "العدالة والتنمية" 12 ثانية، كانت كفيلة بجعل الآلاف ينزلون إلى الشارع معبرين عن رفضهم للانقلاب، ما جعل الجنود المشاركين في الانقلاب يعيشون حالة من التخبط، استهداف مبنى البرلمان التركي في أنقرة برشاشات المروحية، تبادل لإطلاق النار في اسطنبول وأنقرة، قبل أن يتدخل سلاح الجو التركي بأمر من أردوغان، ويسقط إحدى المروحيات في سماء العاصمة أنقرة.

ولعل أهم ما جاء في مختلف الكلمات التي خرج فيها أردوغان للشعب التركي، كان في قوله إن "تركيا الجديدة غير تركيا القديمة"، مؤكداً على أن ما حصل كان ضروريًا لتنظيف الجيش والمؤسسات الحكومية من العناصر "الخائنة"، علاوًة على ذلك، لم يؤكد أي من المسؤولين في الحكومة التركية، القضاء على الانقلاب بشكل كامل، حيث حملة معظم تصريحاتهم، تحذير من عودة الانقلاب في أي لحظة خلال الـ24 ساعة الحالية.

إلا أن المؤكد من كل ما حدث، أن الانقلاب فشل، والحكومة التركية تحاول أن تأخذ إجراءات احترازية، ولذلك طالبت الشعب التركي بأخذ الحذر، ثم أن تركيا لأول مرة منذ أعوام تشهد توحدًا بين "الأخوة الأعداء"، المظاهرات التي جابت الشوارع تأييدًا للحكومة التركية، ورفضًا للانقلاب، ضمت أنصار كافة الأحزاب التركية.

الأيام القادمة، تحتم على الرئيس التركي إعادة النظر في سياساته التي تحاول أن تمنح رئيس البلاد صلاحيات أوسع، والتحديات التي ستواجهها حكومة "العدالة والتنمية"، ستكون أصعب من التحديات السابقة، وخصيصًا في طريقة تعاطيها مع انتهاكات حقوق الصحفيين، ومحاولة أسلمة المجتمع التي يرفضها نسبة عالية من الشعب التركي، رغم أن الهتاف الموحد، الذي ابتكره الشعب التركي الرافض للانقلاب في مظاهراته كان "يا الله... بسم الله... الله وأكبر".

اقرأ/ي أيضًا:

الإفراج عن سيف الإسلام القذافي.. حقيقة أم إشاعة؟

نفايات إيطالية في المغرب واستياء شعب