24-فبراير-2017

جنود من الجيش السوري الحر يرفعون علم الثورة السورية داخل مدينة الباب بعد تحريرها من يد داعش (هاليت سليمان/الأناضول/Getty)

بينما كانت الأنظار تتجه لما تسفر عنه نتائج الجولة الرابعة من مفاوضات "جنيف" بين وفدي النظام والمعارضة السورية برعاية أممية، أمس الخميس، أعلن رسميًا عن سيطرة "الجيش السوري الحر" بدعم تركي على مدينة "الباب" في ريف حلب الشرقي، أخر أكبر معاقل تنظيم داعش في ريف حلب بشكل عام.

 الخبر الذي طغى على وسائل الإعلام التي واكبت الجولة الرابعة في مفاوضات "جنيف" هو جلوس المعارضة والنظام وجهًا لوجه للمرة الأولى

لا جديد في "جنيف" إلا..

كان الخبر الرئيسي الذي طغى على كافة وسائل الإعلام التي واكبت اجتماع الجولة الرابعة في مفاوضات "جنيف" جلوس وفدي المعارضة والنظام وجهًا لوجه في قاعة واحدة لأول مرة منذ انعقادها في 2013، والذي يمكن اعتباره عاملًا إيجابيًا بعد أن تمت جميع اللقاءات السابقة مع المبعوث الأممي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا من جهة، الذي لم يعد دروه في التعطيل وتغليب النظام خافيًا، والوفدين من جهة أخرى بشكل منفصل.

اقرأ/ي أيضًا: اقتراب داعش من الجولان..تذكرة إسرائيل المجانية

ويبدو أن المعارضة السورية بعد أن خسرت عديد المناطق في ريف دمشق الغربي، إضافة لمركز ثقلها الشطر الشرقي من حلب، وحالات الاقتتال بين فصائل المعارضة التي شهدتها إدلب وريف حلب، جعلها في موقف صعب، زاد عليه إدخال منصتي "موسكو" و"القاهرة" المدعومتين من روسيا، واللتان تعتبران نفسيهما ممثلين شرعيين دون "هيئة المفاوضات العليا"، إلا أنها في نفس الوقت أصرت، وفق ما نقل على لسان المتحدث باسمها، سالم المسلط، تأكيدها الالتزام بـ"مناقشة هيئة حكم انتقالي"، وهو ما يرفض نقاشه منذ الجولة الأولى للمفاوضات وفد النظام السوري، ولاحقًا المنصتين ّعينهما.

وفي كلمته الافتتاحية شدد المبعوث الأممي على أن الوفدين يملكان "فرصة ومسؤولية تاريخية لوضع حد للنزاع الدامي"، رغم استباق مروحيات النظام السوري انعقاد الجلسة الأولى بإلقائها أكثر من 42 برميلًا متفجرًا على قرى تقع في "أقصى ريف دمشق الغربي"، وشنها عشرات الغارات الجوية على أحياء "درعا البلد"، بحسب ما نقل "المرصد السوري لحقوق الإنسان".

وسجلت عشرات الخروقات منذ إعلان وقف إطلاق النار في عموم البلاد بحق النظام السوري، باستثناء مناطق سيطرة جبهة "فتح الشام" سابقًا، وتنظيم "الدولة الإسلامية"، بعد أن تم بضمانة تركية – روسية، قبل أن يسارع النظام مدعومًا بالميليشيات الأجنبية الممولة إيرانيًا لخرقها، وتقدمه على نقاط للمعارضة في ريف دمشق الشرقي، رد عليه عدد من فصائل المعارضة بإعلانها انتهاء الهدنة.

وليس متوقعًا أن يسجل اليوم الثاني (اليوم الجمعة) لمفاوضات "جنيف" أي تقدم ملحوظ، رغم حديث دي ميستورا عن أنه لدى الأطراف الجالسة على طاولة المفاوضات "فرصة ومسؤولية تاريخية لوضع حد للنزاع الدامي"، متجاهلًا أن الفرصة التي تطرق إليها لن يتمكن من امتلاكها وفد المعارضة ما لم توجد ضمانات حقيقية من أطراف دولية تلزم النظام السوري وحلفائه فعليًا بوقف شامل لإطلاق النار.

اقرأ/ي أيضًا: بعد معاركها مع الجميع.."لواء الأقصى" ترحل إلى داعش

"الجيش السوري الحر" داخل أحياء "الباب"

وقبيل انعقاد الجلسة الرابعة لمفاوضات "جنيف"، أعلن رسميًا عن سيطرة "الجيش السوري الحر" بدعم لوجستي وعسكري من القوات التركية المشاركة في عملية "درع الفرات" على مدينة "الباب" شرق حلب، بعد معارك استمرت أكثر من 60 يومًا تكبد فيها تنظيم الدولة خسائر كبيرة في العناصر والآليات.

يبدو أن السيطرة على مدينة "الباب" ستجعل قوات النظام على تماس مباشر مع مقاتلي "درع الفرات"، والذي يرجح حدوث اشتباكات بين الطرفين

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية نقلًا عن قائد فصيل "السلطان مراد"، أحمد عثمان، إنه "بعد ساعات من المعارك، تم الإعلان عن تحرير مدينة الباب بالكامل وحاليًا يتم تمشيط الأحياء السكنية من الألغام".

ويبدو أن السيطرة على مدينة "الباب" ستجعل قوات النظام على تماس مباشر مع مقاتلي "درع الفرات"، والذي يرجح حدوث اشتباكات بين الطرفين، وبالأخص أن تقارير سابقة ذكرت أن تنسيقًا عسكريًا حصل بين النظام و"قوات سوريا الديمقراطية" التي تقودها القوات التركية.

وعقب إعلان "الجيش السوري الحر" سيطرته على مدينة "الباب" نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، عما يعرف باسم وزير "المصالحة الوطنية" في حكومة النظام، علي حيدر، قوله إن: "الباب مفتوح لمواجهة مباشرة بيننا (النظام السوري) وبين الأتراك"، مضيفًا أنه "قد يكون من المستحسن أن يعالج في المرحلة الأولى سياسيًا، وألا يتحول إلى صدام مباشر عسكري".

وكان عدة مسؤولين في أنقرة، من بينهم الرئيس رجب طيب أردوغان أكدوا أن الهدف بعد السيطرة على مدينة "الباب"، سيكون مدينة "منبج" التي تسيطر عليها القوات الكردية، ومن ثم يتم التوجه لمدينة "الرقة" معقل تنظيم الدولة الرئيسي في سوريا، لكن ليس متوقعًا أن يتم التوجه بسرعة زمنية، لأن "الجيش السوري الحر" يحتاج تحصين مواقعه تجنبًا لهجوم معاكس تنفذه قوات النظام المتمركزة في قرى ريف حلب الشرقي.

وتشكل السيطرة على مدينة "الباب" ضربة قوية لتنظيم الدولة، إذ بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الباحث في المعهد الأطلسي، أرون ستاين، أنها تُعد من المدن المهمة للتنظيم كونها "ستحرمه مصدرًا كبيرًا للدخل من خلال الضرائب"، إضافة لـ"أنها منطقة يعقد فيها (التنظيم) اجتماعاتهم ويخططون لهجماتهم ضد السوريين والغربيين".

ويبدو أن وفد المعارضة السورية سيدخل قاعة المفاوضات اليوم مدعومًا بورقة السيطرة على مدينة "الباب" في الوقت الذي تلقى النظام السوري وحلفائه ضربة قوية بخسارتهم لمدينة "تدمر" التاريخية بعد هجوم معاكس نفذه تنظيم الدولة، فيما سيكون وفد النظام مصرًا على خروج الجيش التركي من الأراضي السورية لعرقلة أي تطور من الممكن على ملف حل الأزمة السورية، وهي الورقة التي يحاول المراوغة بها عند صدور أي قرار أممي، متجاهلًا حلفائه متعددي الجنسيات.

اقرأ/ي أيضًا: 

تطورات "أستانا" السوري..ملف المعتقلين لأول مرة