20-ديسمبر-2016

رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بنكيران(فاتح بيليد-/أ.ف.ب)

تعيش المؤسسة التشريعية بالمغرب عطالة حقيقية، نتيجة تأخر الأحزاب السياسية في إعلان ميلاد الحكومة الجديدة، بعد شهرين من الانتخابات التشريعية.

فلا حديث هذه الأيام بين السياسيين المغاربة سوى عن تأخر الحكومة التي يقودها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الإسلامي الفائز في الانتخابات السابقة، الذي لم يستطع إقناع أحزاب سياسية للدخول معه في ائتلاف لتشكيل الحكومة مع أغلبيته البرلمانية وكذلك الفشل في انتخاب رئيس لمجلس البرلمان. وهو ما يعطل تشريع قوانين مهمة على رأسها قانون المالية لسنة 2017.

تعيش المؤسسة التشريعية بالمغرب عطالة حقيقية، نتيجة تأخر الأحزاب السياسية في إعلان ميلاد الحكومة الجديدة، بعد شهرين من الانتخابات التشريعية

اشتغال البرلمان المغربي مرتبط بفرز أغلبية سياسية، للحكومة التي سيتم تشكيلها وفقًا للدستور المغربي الذي يفترض تنظيم أجهزة ولجان البرلمان وفق معادلة الأغلبية والمعارضة. لكن لحد الساعة ما زالت الأحزاب لم تستطع التوافق على تشكيل تحالف حكومي، أمام تلويح بإعادة انتخابات تشريعية أخرى أو اللجوء إلى تحكيم ملكي.

اقرأ/ي أيضًا: المغرب..هل يعيد تأخر تشكيل الحكومة الانتخابات؟

في هذا السياق، يقول حسن طارق، خبير سياسي، أن "زمن التفاوض هو زمن طبيعي في الديمقراطية، فالزمن الديمقراطي المبني على فكرة التناوب، ومنطق العودة إلى الإرادة الشعبية، يحمل بالضرورة في تعاقبه بياضات الانتقال من ولاية إلى أخرى"

ويتابع حسن طارق في مقال رأي "إن البرلمان المغربي، مؤسسة تحمل أعطاب الديمقراطية في بلادنا، وتجر وراءها تاريخًا طويلًا من التهميش والازدراء السلطوي، وهي امتداد طبيعي لهشاشة النخب وزبونية بعض الأحزاب، وهي في النهاية نتاج نظام انتخابي تحضر في كثير من محدداته الإدارة والمال والنفوذ".

وأضاف حسن "أن البرلمان ليس مؤسسة مثالية، لذلك فهو محتاج إلى الكثير من النقد الديمقراطي، لكن ليس للتتفيه الشعبوي، ذلك أنه في السياق المغربي الحالي، يشكل البرلمان بؤرة للتعبير عن الإرادة الشعبية، وعن الطموح الديمقراطي".

حسن طارق يرد في مقاله على هجوم بعض السياسيين على عطالة البرلمانين وما تسببه من خسائر مالية باهظة، المغرب في غنى عنها، إذ يعلق حسن على هذا الهجوم قائلا "" الهجوم الممنهج، اليوم، على البرلمان، عندما يُقرأ في سياقه، لا يمكن أن يفهم إلا كهجوم بأثر رجعي على 7 أكتوبر، وهو هجوم في العمق على الديمقراطية".

أما رشيد لزرق الخبير في الأنظمة الانتخابيةف يرى أن سبب عطالة البرلمان هو رئيس الحكومة، إذ يقول في تصريحه لـ"ألترا صوت" إن سبب هذه العطالة هو بنكيران رئيس الحكومة والذي يرهن تشكيل الحكومة بانتخاب أجهزة البرلمان، في ضرب واضح لفصل السلطات".

اقرأ/ي أيضًا: هل سلطان ملك المغرب فوق كل السلطات؟

ويرى رشيد أن بنكيران "يعتبر أي انتخاب لأجهزة مجلس النواب بمنأى عن تشكيل الحكومة مؤامرة".

 نال بنكيران موافقة حزبين فقط للمشاركة في حكومته، وهما حزب الاستقلال "المحافظ" وحزب التقدم والاشتراكية "يسار"

وأكد المتحدث ذاته أنه في السياسة يجب أن نفرق بين التكتيكي والاستراتيجي، فالتكتيك هنا هو مناورة ربط انتخاب رئيس مجلس النواب، بتشكيل الحكومة، إذ من العادي أن تعرف المفاوضات بين الشركاء السياسيين شد وجذب، لمحاولة كلّ فريق تحصيل مكاسب، وهذا أمر مشروع وفق حدود مقبولة لا تمس بمحتوى التعاقد الدستوري، والحال أن ممارسة بنكيران توضح إرادة استراتيجية للانقلاب على مبدأ أصيل في الديمقراطية والمتمثل في فصل السلطات، وتوجه بسبق إصرار وترصد لعرقلة عمل مجلس النواب لشهور وما يحمله من تعطيل للمؤسسة التشريعية"، وهو الأمر الذي يجب، حسب رشيد، على النخب السياسية إدراكه "واعتبار ربط تشكيل أجهزة مجلس النواب بالوصول إلى تشكيل الحكومة "مؤامرة انقلابية ضد الدستور والسعي بأسرع وقت ممكن لتكريس المكتسبات الدستورية واستثمار المناخات الإيجابية لتكريس الديمقراطية.

وحسب رشيد لزرق فإنه لكي يتم الخروج من هذا المأزق الذي يعيشه المشهد السياسي بالمغرب "يجب على السياسيين والأحزاب التحلي بسلوك رجال الدولة، والتفكير بالأجيال القادمة، عوض التفكير بالانتخابات القادمة، ودخول للمفاوضات على أساس مشاريع علمية، لأن المشكل سياسي وليس دستوري".

ويذكر أنه بالرغم من مرور أكثر من شهرين على إجراء الانتخابات، وفوز حزب العدالة والتنمية بالأغلبية البرلمانية، لم يتم إعلان عن تشكيل حكومة جديدة، إذ نال بنكيران موافقة حزبين فقط للمشاركة في حكومته، وهما حزب الاستقلال "المحافظ" وحزب التقدم والاشتراكية "اليسار".

ويختلف مراقبون مع الرأي الذي يجد سبب تأخر تشكيل الحكومة في رئيسها بنكيران، ويعتبرون أن أحزاب سياسية تُأخر تشكيل الحكومة بفرضها شروطًا تعجيزية على العدالة والتنمية لتدخل معه في حكومته. فحزب التجمع الوطني والأحرار "اليسار" الذي يقوده عزيز أخنوش أحد المقربين من القصر الذي فاز بـ37 مقعدًا، قد سعى لتقوية وضعه التفاوضي، وشكل تكتلًا حزبيًا يضم الحركة الشعبية التي فازت بـ27 مقعدًا والاتحاد الدستوري (19 مقعدًا). واشترط حزب الأحرار مقابل موافقته على دخول الحكومة استبعاد حزب الاستقلال من التحالف، وتولي حقائب وزارية لها وزن، إلا أن بنكيران رفض المطلب الأول مبررًا أنه قطع وعدًا لحزب الاستقلال بأن يكون جزءًا من التحالف الحكومي.

اقرأ/ي أيضًا: 

الانتخابات التشريعية في المغرب..غموض الرؤية

المغرب.. احتجاج ومطالب بإقالة وزير الداخلية