18-يوليو-2016

(Getty) من مظاهرات 20 فبراير 2011 في المغرب

بعد الحراك الشعبي في المغرب سنة 2011، بغض النظر عن الطابع السياسي، تولدت عدة تيارات "فكرية" شبابية تتميز عن بعضها البعض، بما أملت عليها الظرفية من صراعات داخلية وخارجية رجت الكيان المغربي. كان الحراك بمثابة مخاض سيتولد عنه تياران مهمان يميزان الآن المجتمع المغربي، وخصوصًا فئة الشباب منه.

بعد الحراك الشعبي في المغرب سنة 2011، تولدت عدة تيارات فكرية شبابية تتميز عن بعضها البعض

من الملاحظ أن هناك تيارًا سيعرف عودة نحو التقليد والتراث بشكل ملحوظ كنوع من تكريس الهوية المغربية، وإيصال رسالة ربما تعرب عن مقاومة الفرد المغربي، سواء لمد الحداثة الغربية، وأيضًا مظاهر التدين "المتشدد". وما يبرر هذا الموقف هو خوف داخلي نابع من تغير الأوضاع إلى ما لا يحمد عقباه، خصوصًا بعد ما شهدت دول مجاورة جراء القفزة الكبيرة التي قامت بها هذه الأخيرة.

اقرأ/ي أيضًا: الحرية لصوت المغرب.. هشام المرآة

يحتمل أن يكون العود التقليدي أيضًا راجعًا إلى الكم الهائل الذي يتلقاه الفرد جراء اطلاعه على مجموعة من مصادر المعلومة. إننا ولأول مرة في عصرنا الحالي معرضون لهذا التيار الكبير من المعلومات والتي بطابعها الذي يعزز العنف ويستهدف الجانب العاطفي للمتلقي تشجع على الخوف والانغلاق. الملاحظ هو أن الرجوع للثرات والتقليدي هو محاولة احتماء من أي اختراق ثقافي محتمل، حري به أن يزعزع الثوابت الهوياتية للمجتمع المغربي، التي تعتبر المرجعية الفكرية لهذا التيار.
 
على غرار التيار المحافظ نجد أن هناك تيارًا ينفتح إلى أبعد الحدود على الثقافات الأخرى، بل ويقوم بنوع من القطيعة الصريحة مع الثرات الديني والاجتماعي، حيث يجد فيه معوقًا للتقدم والتعايش. إن هذا التيار "الليبرالي" يتخطى الخصوصيات الثقافية ليصل لما هو عالمي أو ما يسميه بحد تعبيره "شمولي" و"كوني"، حيث يعتبر أن القيم التي يقترحها هي قيم بديهية طبيعية صالحة لكل زمان ومكان. ما يميز هذا التيار على غير التيارات التي تعاقبت على المغرب مند فترة السبعينيات، هو إتاحة وسائل التعبير وتوفر الأرضيات الملائمة للتعبير عن القطيعة الفكرية، وأيضًا اقتراح الحلول.

إن هذا التيار غالبًا لا يأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الثقافية للمجتمع المغربي، بحيث أن ما يلاحظ في أطروحته هو نوع من القصور في الأخذ بعين الاعتبار للعامل الزمكاني، الذي سيكون مجال تطبيق المقترح أو النظرة. إن نقص الحضور العقلاني وأيضًا التحليلي في هذه التيارات يخلق شرخًا واضحًا ما بينها، حيث ينعدم التواصل بينها، ولعل الأمر يعرب عن نوع من القطيعة، نَبَعَ من القول باستحالة الوصول إلى أرضية مشتركة من الحوار. وهذا ما يفسر أيضًا انعدام تيار فكري شبابي بالمغرب نظرًا لعدم وجود نظرة مستقبلية لمشروع الفكر المغربي عامة. 

اقرأ/ي أيضًا:

الشعب التركي يصنع التاريخ!

العرب وتركيا: لنا العسكر ولهم الدولة وشعب يفتخر به