12-أبريل-2016

(Getty)

أثار اقتحام وتخريب مواطنين لمنزل امرأة مشعوذة، بمدينة سلا بالقرب من العاصمة المغربية الرباط، بداية شهر أبريل، جدلًا واسعًا، بين مندد بهذا الاعتداء معتبرًا أنها مهمة الشرطة وبين مدافع عن هذا الفعل.

وقبل ذلك بأيام قليلة انتشر فيديو يوثق اقتحام مواطنين لبيت أحد الشباب ببني ملال وسط المغرب بدعوة أن هؤلاء الشباب مثليين، حيث تم الاعتداء عليهم والتنكيل بهم، ليحتدم النقاش هل من حق المواطنين أن يمارسوا سلطة القضاء، ويعتدون على مواطنين آخرين قد لا يتلاءمون مع قناعتهم الشخصية.

ناشط حقوقي مغربي:"العنف الذي مارسه البعض ضد ما اعتبروه مسًا بآرائهم، يظهر أن البعض يعاني من عقدة العنف كما يظهر عجز الدولة في فرض القانون"

اقرأ/ي أيضًا: وثائق بنما تطال المغرب أيضًا

محمد سعيد السوسي، ناشط حقوقي، في تصريح له لـ"الترا صوت"، يقول: "أحداث العنف التي مارستها مجموعات من المواطنين ضد ما اعتبروه مسًا بآرائهم أو ذوقهم أو معتقداتهم، بدءًا بفتاتي "إنزكان" ووصولًا إلى حادث "مثليي بني ملال" أو "اقتحام بيت المشعوذة"، وغيرها من الأحداث التي لم تصل إلى الإعلام، يظهر أن جزءًا من مجتمعنا يعاني من عقدة العنف والتطرف كما يظهر عجز الدولة في فرض احترام القانون وبسط هيبتها كضامن لحقوق المواطنين"، على حد تعبيره.

وأضاف السوسي: "هذه الأحداث تتسع وتتكرر وتبين أننا نتجه إلى فرض قانون الغاب في التعامل مع بعضنا في مجال الحريات ومع المتهمين كل ذلك على حساب القانون واحترام حقوق الإنسان".

في المقابل، أصدرت محكمة بني ملال، أحكامًا اعتبرها البعض مفاجئة ومثيرة، إذ قضت بأربعة أشهر سجنًا مع وقف التنفيذ على المتهم الأول في قضية "مثليي بني ملال" فيما قضت بثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ للمتهم الثاني، فيما حكمت بستة أشهر نافذة على أحد المعتدين وبأربعة أشهر وثلاثة أشهر نافذة للبقية .

واعتبر البعض أن قرارات المحكمة كانت منصفة وجريئة، خاصة بعدما أصدرت أحكامًا بسجن على المعتدين، لتفرض هيبة الدولة وتقطع قانون الغاب.

هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، فبين فترة وأخرى يتم تداول فيديو يوثق اعتداء بطريقة وحشية على مثليين، ففي الصيف الماضي تعرض أحد المثليين بمدينة فاس، إلى اعتداء خطير من طرف مواطنين بينما كان على متن سيارة أجرة وهو يرتدي ملابس تظهر ميوله الجنسية، إذ تم إرغامه على الخروج من السيارة وضربه وركله وسبه وتهديده بالقتل، قبل أن تتدخل الشرطة لحمايته.

اقرأ/ي أيضًا: خلاف المرجعيات بين النجف وقم..العراق لمن؟

وحادثة أخرى هزت الرأي المغربي، حينما أقدمت السلطات الأمنية على اعتقال فتاتين وسط سوق "الثلاثاء" بمدينة انزكان، في الصيف الماضي بتهمة الإخلال بالحياء العام، خلال تجولهما في السوق بلباس شفاف، وهو السوق المعروف باستقطابه لمئات المتبضعين من ربوع إقليم انزكان جنوب المغرب، الذين اعتبروا سلوك الفتاتين "استفزازيا"، فرفعوا شعارات تندد بلباسهما ثم قام مجموعة منهم بمحاصرتهما، مما استدعى الاتصال بالسلطات الأمنية التي حضرت واعتقلتهما، بالإضافة إلى حادثة أخرى عندما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا لفيديو يرصد واقعة تحرش جماعي بسيدة على الكورنيش في مدينة طنجة شمال المغرب، ويظهر الفيديو قيام مجموعة من الشباب بالتحرش جسديًا بسيدة أثناء سيرها على الكورنيش بطنجة، وهي تحمل طفلها، كما يظهر تدخل قوات الشرطة المغربية على الفور للفصل بين السيدة والمتحرشين وإبعادهم عنها.

مما دفع وزارة الداخلية ووزارة العدل والحريات إلى إصدار بيان مشترك في تموز/يوليو الفارط، أكدتا من خلاله "أن أي فعل أو إجراء بديل للعدالة والقانون، يقدم على ارتكابه شخص أو مجموعة من الأشخاص يعتبر غير قانوني وأنه ستتم مقاضاة أي شخص أو مجموعة من الأشخاص يسعون إلى تطبيق العدالة بأنفسهم"، ويذكر أيضًا أن الفصل 489 من القانون الجنائي المغربي يجرم المثلية الجنسية ويعاقب عليها بما قد يصل إلى ثلاث سنوات سجنًا.

ومن جهته، يقول محمد سعيد السوسي في تصريحه لـ"الترا صوت": "إنه لا يمكن فصل مستوى العنف الذي أصبح عليه جزء من المغاربة عن الواقع الاقتصادي للبلاد إضافة إلى رداءة التعليم ببلدنا وضعف وسائل الإعلام في نشر ثقافة الاختلاف وقبول الآخر المختلف عنا".

يتابع المتحدث ذاته، "عمومًا يمكن حصر سبب زيادة نسبة العنف والتطرف بين المغاربة في غياب العيش الكريم وانحطاط مستوى التعليم ورداءة الإعلام".

اقرأ/ي أيضًا:

أوباما يضرب أسس كامب ديفيد

ماذا بعد هزيمة داعش