29-يونيو-2016

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم بعد الاجتماع التركي الإسرائيلي 27/6/2016 (Getty)

مثل الاتفاق التركي-الإسرائيلي على إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، مفاجأة للرأي العام الدولي، خاصة في ظل ما يحصل من تجاذبات سياسية تضرب المنطقة بشكل عام.

التحولات التركية تجاه روسيا وإسرائيل، جاءت بعد قراءة للتطورات السياسية في المنطقة، لمحاولة التفلت من أن تجد نفسها تحارب في المكان الخطأ

 ورغم أن البنود المنصوص عليها في الاتفاق، تدخل لصالح الحكومة التركية، كون الحكومة الإسرائيلية ستدفع مبلغًا ماليًا كتعويض لضحايا سفينة "مافي مرمرة" التركية، إلا أنها تعتبر، في الوقت نفسه، تراجعًا عن الخطاب التركي الحاد تجاه إسرائيل، خاصة أن الاتفاق لم ينص على رفع الحصار عن قطاع غزة، كما طالب الأتراك، وإن سمح لهم بإدخال المساعدات إليها عن طريق المعابر الإسرائيلية.

الرئيس التركي ألحق الإعلان عن إعادة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، باعتذار من الرئيس الروسي، عن إسقاط سلاح دفاع الجو التركي لمقاتلة روسية، الأمر الذي أدى إلى انفجار بين الدولتين اللتين تبحثان عن مصالحهما في سوريا. اعتذار الرئيس التركي، حقق غرضه سريعًا، بإعلان الرئيس الروسي بوتين، أنه سيسعى لإعادة تطبيع العلاقات السياسية والتجارية مع تركيا، مرة أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: القفزة البريطانية إلى المجهول

بالعودة إلى أصل الأزمة التي حدثت، فمن المعروف لدى الجميع، أن التدخل الروسي في سوريا، استبقه الرئيس الروسي بلقاء مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لتنسيق العمل الجوي بين البلدين، تلافيًا لأي تصادم جوي في سماء سوريا ولبنان، وما تبعه من نشر الصحف الإسرائيلية معلومات عن نقل روسيا رسائل من تل أبيب للنظامين السوري والإيراني.

ويأتي التحول في المواقف التركية، بالتزامن مع اشتداد التدخل الروسي في سوريا، واستخدامها للأسلحة المحرمة دوليًا في ريفي حلب وإدلب من جهة، وتقدم "جيش الفتح" في ريف حلب الجنوبي على حساب قوات النظام والميليشيات الشيعية المرافقة له، ما يظهر أن التحولات التركية جاءت بعد قراءة متأنية للتطورات السياسية التي تشهدها المنطقة، لمحاولة التفلت من أن تجد نفسها ما زالت تحارب، وحيدة، في المكان الخطأ.

ويدرك الأتراك أكثر من غيرهم، عدم قدرة الولايات المتحدة على مقارعة الروس في الشأن السوري، كون الأخيرة متمسكة بمواقفها من رحيل الأسد، وتصنيف الفصائل الإرهابية، والذي أكدته باغتيالها لقائد "جيش الإسلام" زهران علوش، وغياب أي فرصة تنذر بإنشاء منطقة عازلة في شمال سوريا.

التدخل العسكري الذي تطمح إليه تركيا في سوريا، تبدد مع اقتراب موعد صناديق الاقتراع الأمريكية؛ التحليلات التي تحدثت عن الوضع السوري، رجحت أن تبقى الولايات المتحدة، حتى منتصف العام القادم، بعيدة عن القرارات المصيرية المتعلقة بسوريا، وهو ما يجعل الأتراك بحذر شديد، يعيدون العلاقات مع روسيا إلى ما يشبه سابق عهدها.

اقرأ/ي أيضًا: ماهي تأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟

الأتراك اتبعوا الإعلان عن إعادة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، باعتذار من روسيا، ما يجعل الافتراض، الذي يجعل من فرضية لعب إسرائيل دور "مرسال السلام" بين البلدين، مرجحًا إلى حد كبير، كون روسيا وإسرائيل يعيشان منذ فترة شهر عسل لن ينتهي قريبًا، خاصة مع اشتعال الحقل السوري واطمئنان الجولان.

ويأتي التقارب التركي-الإسرائيلي، في وقت يمر الاتحاد الأوروبي بمرحلة حساسة، بعد الاستفتاء البريطاني على الانسحاب منه، فيما تسعى تركيا جاهدة للانضمام إليه، رغم معارضة الكثير من الدول الأعضاء.

أما النقطة الأخيرة في الأسباب التي أدت لتقارب البلدين، فتكمن في مد خط أنابيب حقول الغاز الإسرائيلية إلى سواحل تركيا، ومنها إلى القارة الأوروبية لتسويق إمداداتها من الطاقة، وتشير تقارير تحليلية إلى أن تركيا تحاول بتنويع مواردها من الغاز، بعدما مرت بأزمة مع روسيا مؤخرًا.

اقرأ/ي أيضًا:

 مصر..أحاديث المصالحة مرة أخرى