05-مارس-2017

مشهد من الانتخابات الرئاسية في الجزائر 2014 (بشير رمزي/الأناضول/Getty)

ارتفعت درجة حرارة التحضيرات للانتخابات البرلمانية في الجزائر، وارتفع معها الضغط الكبير على تجهيز القوائم الانتخابية، وحرب الكثيرين من أجل الوصول إلى جمع التوقيعات وتحضير ملف الترشح، وهي عملية لم تكن سهلة بالنسبة للطموحين إلى الوصول إلى قبة البرلمان الجزائري.

يهدف الإعلان المبكر عن القوائم الانتخابية في الجزائر إلى جس النبض من أجل تقديم أسماء للواجهة وزحزحة أخرى بحسب تفاعلات المواطنين

ويبدو أن الانتخابات البرلمانية في الجزائر، المقرر إجراؤها في الرابع من أيار/ مايو المقبل، لن تمر بردًا وسلامًا على العديد الأحزاب التي "تاهت" في اختيار مرشحيها للمعترك الانتخابي، حيث كانت الاختيارات لدى البعض صعبة، بينما تطاحن البعض الآخر في ترشيح شخص دون آخر في الولايات الـ48، وبينما عاشت الأسماء التي ترأست القوائم "جحيمًا"، حسب تصريحات متفرقة للمتتبعين للشأن السياسي في الجزائر.

اقرأ/ي أيضًا: المال السياسي بعبع الانتخابات البرلمانية الجزائرية

الصراع احتدم على القوائم، والتسريبات التي تعلنها بعض الأطراف عبر شبكات التواصل الاجتماعي، قبل الإعلان النهائي عن من سيمثل الأحزاب السياسية، التي ستدخل السباق الانتخابي، شتتت الرأي العام في الجزائر، فهي إما عبارة عن عملية جس نبض أو "دعاية بيضاء" بحسب المتخصص في العلوم السياسية نورالدين سعدي خلال تصريحه لـ" الترا صوت "، إذ يهدف جس النبض هذا إلى "تقديم أسماء للواجهة وزحزحة أسماء أخرى بحسب تفاعلات المواطنين مع القوائم المعلنة".

عديد الأحزاب السياسية ارتأت ترك الاختيار لمجلس الشورى الوطني على غرار الأحزاب المنضوية تحت غطاء "التيار الإسلامي" فيما احتكمت الأحزاب الأخرى لقانون الصندوق في اللجان المركزية كأعلى هرم في دوائر التشكيلات السياسية مثل ما حدث في حزب جبهة التحرير الوطني (الحزب القديم تاريخيًا) والتجمع الوطني الديمقراطي وغيرها من الأحزاب التي لجأت إلى الانتخاب الداخلي، فيما تمت تزكية بعض الأسماء في أحزاب أخرى، بناءً على معايير من بينها، حسب تصريحاتهم، الكفاءة وتواجدها الفعلي والتفاعلي مع المواطنين في الساحة.

اللافت في العمليات الانتخابية، في الجزائر وخاصة فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية، أن "سلطة المال زحزحت الكثير من القيم السياسية أيضًا"، على حد تعبير الدكتور سعدي، لأنه عندما "تنطق لغة المال فإن السياسة تذعن وتنحني أمامها"، حيث شرح قائلًا إن "رأس القائمة في أي حزب سياسي سيكون على الأغلب شخصية لديها نفوذ مالي قوي بإمكانها أن تسيطر على مشاريع كبرى في المستقبل، وهذا يراه المتحدث أمرًا إيجابيًا فالأهم هو ما سيقدمه النواب بعد انتخابهم من طرف الشعب، حسب رأيه، لكنه يتأسف على ما أسماه "شراء لمكانة ضمن قائمة انتخابية للظفر في المستقبل بحصانة برلمانية تقي شر التتبعات القضائية وغيرها من المشاكل"، يضيف ذات المتحدث.

في اختيار الأحزاب الجزائرية لقوائمها الانتخابية، كانت هناك إرادتين: تحكيم مقاييس الكفاءة، وإرادة "من يدفع أكثر يظفر أكثر"

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر..الانتخابات البرلمانية تبدأ من الفيسبوك

بالنسبة للقوائم الانتخابية وإعدادها فما يحدث في الخفاء ليس ما يصرح به في العلن، يقول الإعلامي رياض بوخدشة لـ"الترا صوت"، ويضيف أنه من خلال رصد لمجريات الأمور بخصوص ضبط قوائم المترشحين للانتخابات التشريعية يرى أن الأحزاب التي يطلق عليها إعلاميًا "الأحزاب الصغيرة" أو "المجهرية" هي "المنغمسة أكثر في المتاجرة بالقوائم والترشيحات دون رقيب أو حسيب، حيث يتم البحث عن أصحاب رؤوس الأموال لترؤس القوائم"، معبرًا عن أسفه لما وصلت إليه العملية الانتخابية في الجزائر.

بينما فيما يتعلق بالأحزاب الكبرى، يرى بوخدشة أنه لمس تصادم إرادتين "إرادة تحكيم مقاييس النزاهة والتجديد والارتكاز على الكفاءات، وإرادة "من يدفع أكثر يظفر أكثر"، مشددًا على أنه من خلال ملاحظاته الميدانية فإن "سلطة المال والقرابة والنفوذ لا تزال تضرب بقوة في العملية الانتخابية الجزائرية".

قبل غلق مختلف الأحزاب السياسية لنقاشاتها وإعلانها عن القوائم التي تقترحها كـ"فرسان" سباق انتخابي، تظل العملية السياسية في الجزائر بحسب العارفين بخباياها عبارة عن "سباق محموم" تختلف فيه المعايير في اختيار الأشخاص الذين سيمثلون الشعب في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري)، بينما تتجه أنظار الجزائريين إلى ما سيقدمه هؤلاء من خيارات من أجل التنمية وتسهيل معيشة المواطن، حيث يظل البرلمان واجهة حقيقية لما يعيشه المواطن البسيط، ويظل النواب أمام امتحان عسير يحكم عليه المواطن في النهاية.

اقرأ/ي أيضًا: 

انتخابات2017 توحد الأحزاب الإسلامية في الجزائر