16-نوفمبر-2015

من هدية أبي لـ سلام سلمان

أعلن في العاصمة العراقية بغداد عن وجود عرض لستة أفلام سينمائية قصيرة. هذه الأفلام شاركت في مهرجانات دولية وحصلت بعضها على جوائز مهمة، منها جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي التي حصل عليها فيلم "هدية أبي"، و"مملكة النفايات" الذي حصل على جائزة تنويه خاص في مهرجان ترابيكا السينمائي في نيويورك.

فيلم "شعب بلا وطن" للمخرج وارث كويش، يتحدث عن طفل سوري لاجئ في العراق ضاع من أهله

دخل الجمهور إلى قاعة المسرح. قدمت عريفة الحفل الممثلة آلاء حسين المهرجان، وبعد كلمة المخرج السينمائي محمد الدراجي، فوجئ الجميع بصعود مجموعة أطفال إلى خشبة المسرح. كان يتقدمهم طفل ببشرة سمراء. في تلك الأثناء صعد شاب يرتدي البدلة السوداء ليلتحق بهم. "هشام الذهبي مدير البيت العراقي الآمن"، قالت عريفة الحفل. حتى الآن لا أحد يعرف ما هو البيت العراقي الآمن، ولا ماذا يفعل هؤلاء الأطفال. كان هؤلاء الأطفال الذين صعدوا على خشبة المسرح الوطني، هم أبطال تلك الأفلام الست التي حكت مأساة ومعاناة عراق يأبى الخلاص من الحزن.

استثمر مدير المركز العراقي للفيلم المستقل محمد الدراجي تلامذته الستة، مخرجي الأفلام، والأطفال الأيتام في إنتاج أفلام قصيرة، مزجت بين الروائي والتسجيلي. كانت هذه الأفلام هي التجربة الأولى لمخرجيها الذين انتظموا في ورشات نظمها المركز على مدى شهور.

كان فيلم "شعب بلا وطن" للمخرج وارث كويش، يتحدث عن طفل سوري لاجئ في العراق ضاع من أهله، لكنه يعود (فلاش باك). في عام 2007 وأثناء الاقتتال الطائفي الذي شهده العراق، هاجر كويش إلى سوريا للحفاظ على حياته من القتل المجاني آنذاك. تعرف المخرج الشاب على محمد الطفل السوري الذي هرب من سوريا مع عائلته، لكنه في مكان ما داخل العراق افترق عنهم دون أن يعلم. الحياة التي قضاها كويش في سوريا التي احتضنته أثناء هربه من العراق، وعلاقته الإيجابية بالسوريين دفعته للبحث عن عائلة محمد.

"كانت محاولة للبحث عن وطن دمر وهجر أبناؤه، وطن احتضنني قبل سنوات، في وقت حرب عراقية أهلية، هاجرت بسببها إلى سوريا، ومحمد كان هذا الشعب المهجر، هو نموذج حي عن ملايين الأطفال في سوريا والعراق وكانت رحلة البحث عن عائلته هي المهمة التي لن تنتهي بصناعة فيلم"، يقول كويش لـ"الترا صوت".

الأفلام الست التي عرضها "المركز العراقي للفيلم المستقل" كانت قصصها تتحدث عن عراق ما بعد 2003

الأفلام الست التي عُرضت كانت قصصها تتحدث عن عراق ما بعد 2003. الاحتلال الأمريكي، وزواج القاصرات، والاقتتال اليومي، والفقر. يقول محمد أحد الأطفال الأيتام الذين صعدوا على خشبة المسرح: "أنا سعيد أن أكون بين هؤلاء الناس وهم يصفقون لي.. أشعر بأني نجم مثل ميسي أو رونالدو".

ببدلاتهم الرسمية، وربطات العنق والفيونكة التي يرتدونها، شعر هؤلاء الأطفال وهم يصعدون خشبة أهم مسرح في العراق وسط تصفيق لأكثر من تسعمائة شخص بشيء لم يتمكن بعضهم من وصفه، فعلي يقول: "أنا فرحان وسعيد، هؤلاء الناس جميعهم يُحبوني، لا أعرف ماذا أقول أكثر". غادر هؤلاء الأطفال خشبة المسرح عائدين إلى مقاعدهم. بدأ عرض الأفلام. كلما خرج أحدهم في مشهد ما صفق له زملاؤه. بعضهم أبلغني لو أنه استمر بالتمثيل ووجد فرصة ليكون نجمًا في المستقبل.

المخرج السينمائي مهند حيال، عضو الهيئة الإدارية للمركز العراقي للفيلم المستقل، يقول: "قبل أن تولد فكرة التعاون مع أطفال البيت العراقي الآمن للأيتام، اتخذنا قرارًا كمشرفين على الورشة بأن يتناول الطالب في مشروع تخرجه قصة تخص الطفل العراقي لسببين مهمين، أولهما تقني يتعلق بصعوبة التعامل مع الأطفال في الأفلام السينمائية فإن استطاع الطالب التعامل بشكل جيد مع الأطفال يكتسب خبرة كبيرة في إدارة الممثل والتعامل مع ممثليه بشكل جيد، أما السبب الثاني فيتعلق بضرورة تسليط الضوء على معاناة الطفل العراقي".

والأفلام التي عُرضت هي: "هدية أبي" لسلام سلمان، و"طعم الحياة" لميدو علي، و"مملكة النفايات" لياسر كريم، و"ظلام" لأوميد خالد، و"سوبرمان العراقي" لسجاد عباس، و"شعب بلا وطن" لوارث كويش. وفي نهاية كلمته التي ألقاها المخرج السينمائي محمد الدراجي أعلن عن وجود فيلم روائي طويل سيكشف الستار عنه قريبًا، سيكون جميع أطفال البيت العراقي الآمن ممثلين فيه.

اقرأ/ي أيضًا:

سخرية على لحن عراقي حزين

إعزيزة.. تمائم أرض السواد