24-فبراير-2016

من المتوقع اختفاء عديد العناوين الصحفية الجزائرية قريبًا(فايز نور الدين/أ.ف.ب)

تشهد الساحة الإعلامية الجزائرية هزات خفيفة منذ سنوات، ويتوقع المشتغلون في الوسط الإعلامي أنها ستتطور مستقبلًا وقد تؤدي إلى اختفاء العديد من العناوين الصحفية من المشهد الإعلامي، الذي يحصي أزيد من 150 عنوانًا صحفيًا بين يوميات وأسبوعيات ومجلات.

توحي كافة المؤشرات في الوسط الصحفي الجزائري أن عشرات الصحف ستعلق صدورها في قادم الأشهر، بفعل عجزها المالي وانخفاض عائدات الإشهار

كافة المؤشرات في الوسط الصحفي الجزائري توحي بأن عشرات الصحف ستعلق صدورها في قادم الأشهر، بفعل عجزها المالي، وبسبب ما وصفه المتتبعون للأوضاع في الصحافة المكتوبة بـ"انكماش" عائدات الإشهار، وهو ما دفعت ثمنه في البداية صحيفة "الأحداث" اليومية، التي تواصل نشرها عشر سنوات كاملة، ليجد المسؤولون عن الجريدة أنفسهم أمام مخلفات الديون لدى المطبعة الرسمية والعجز عن دفع أجور العمال.

اقرأ/ي أيضًا: صحافيات الجزائر.. أحلام كبيرة وحصاد مر

صورة المشهد الإعلامي الجزائري تتكرر بحسب عديد الصحفيين، يعتقدون أن الوضع سيعود كما كان عليه في سنوات التسعينيات حيث كان عدد الجرائد لا يتجاوز العشرين، لكن كثيرين يعتبرون أن الحلقة الأضعف في الصحافة المكتوبة هم الصحفيون، حيث سيجدون أنفسهم يقارعون البطالة خاصة في ظل لجوء مؤسسات إعلامية عديدة إلى تجميد التوظيف (بما فيها التلفزيون العمومي)، فيما شرعت مؤسسات إعلامية أخرى إلى تسريح موظفيها نتيجة الضائقة المالية التي تعيشها.

"الكثيرون مروا من هذه الطريق، والكثيرون تجرعوا مرارة عمليات التسريح من الجرائد بسبب العجز المالي، والكثيرون وجدوا أنفسهم يبحثون عن وظيفة بعد أن أغلقت مؤسساتهم"، هكذا صرحت الصحفية سامية مشدال لـ"الترا صوت"، وهي تصف الوضع، وهي التي ذاقت مرارة البطالة بعد أن كانت مراسلة صحفية من مدينة وهران، تلهث وراء المعلومة والأخبار من عاصمة الغرب الجزائري.

وتضيف مشدال: "الصحافة الجزائرية تحولت في ظرف وجيز إلى مصدر لثراء البعض من خلال ما تجنيه الصحيفة من الإشهار وتحول الصحفي إلى مجرد موظف في ظل غياب نقابة تدافع عنه وإلا لما كنا شاهدنا وسنشهد مثل هذه الأوضاع البائسة".

في هذا المنحى، قرأ البعض أن ما يشهده الوسط الإعلامي في الجزائر هو تحصيل حاصل للأزمة المالية التي تعيشها البلاد بصفة عامة حاليًا، نتيجة تهاوي أسعار البترول، وهي التي ألقت بظلالها على سوق الإشهار الذي تقدمه المؤسسات الحكومية والخاصة في الجزائر على حد سواء للصحافة الورقية، حيث أكد الإعلامي ياسين محمدي لـ"الترا صوت" أن "الإشهار يعد شريان حياة المؤسسات الإعلامية، وعائداتها لدفع أجور الصحفيين والتقنيين والموظفين".

اقرأ/ي أيضًا: أزمة ثقة بين الجزائري وإعلامه

ما تشهده الصحف الجزائرية هو نتيجة للأزمة المالية التي تعيشها البلاد، بسبب تهاوي أسعار البترول، وهي التي ألقت بظلالها على سوق الإشهار

وتعتمد الصحف برأي محمدي، "بشكل شبه كلي على ما تجود به الحكومة عليها من صفحات الوكالة الوطنية للإشهار أو صفحات المتعاملين الخواص"، معتقدًا أن "أغلب الجرائد باستثناء ثلاثة إلى أربعة عناوين، لا تملك مقومات بقائها لأن استراتيجيتها التسويقية التي تنتهجها لا تعتمد على قوة البيع بقدر اعتمادها على ريع الإشهار وهو ما أسفر عن جرائد بمديونيات تفوق رأس مالها بأضعاف، وأخرى تطبع ولا تسحب حتى نسخها من المطابع الحكومية"، يقول المتحدث.

فيما يرى الإعلامي رياض وطار أن "الصحافة المكتوبة كانت تجربة مستقلة بعد دخول الجزائر عهد التعددية السياسية لكن هذه التجربة سرعان ما وجدت نفسها أمام إكراه المرحلة المضطربة والمتسمة بضغوط من جانبين، ضغوط الإرهاب بدفعها 53 صحفيًا، كضحايا الجماعات المسلحة وضغوط المؤسسات الحكومية من خلال الإشهار والطبع والتوزيع التي ظلت أدوات تشكل دوامة تعيشها الصحف مقابل حرية التعبير".

ويضيف وطار لـ"الترا صوت": "الصحافة المكتوبة، مع مرور الزمن، تحولت إلى جزء من المشروع السياسي لعديد الأحزاب السياسية وفي يد السلطة التي أبقتها رهينة الإشهار العمومي والطبع عدا صحف قليلة تحررت من ذلك". كما يشير وطار إلى أن "الشح في الإشهار الذي تعاني منه حاليًا جل الصحف سيتسبب حتمًا في غلق العديد منها خاصة التي لا تتمتع برواج كبير عند القارئ الجزائري وبالتالي ليست لديها مقروئية كبيرة في ظل توافد الشركات الكبرى على نشر الإعلانات الإشهارية الخاصة بمنتوجاتها بالصحف التي تستقطب القراء".

مخاض عسير تعرفه الصحافة الجزائرية المكتوبة ونتائج وخيمة في انتظار الكثير من المؤسسات الإعلامية التي "جازفت" بفتح مكاتبها وإصدار جرائد، إلا أنها اليوم تصارع من أجل البقاء.

اقرأ/ي أيضًا:

تونس.. حرية الإعلام في خطر وتهديد بالإضراب العام

الحرب في ليبيا أم في الإعلام التونسي؟