24-يونيو-2016

متعلقات المغدورة جو كوكس في مسرح اغتيالها (Getty)

هو "وحش بشري" كما وصفته الصحافة الفرنسية، عمره 52 عامًا، اغتصب 66 طفل قاصرًا خلال رحلاته السياحية في دول العالم، وأغلب ضحاياه كانوا من الأطفال العرب وخاصة من أطفال تونس القاصرين.

لو أن مجرمًا شاذًا كان عربيًا أو مسلمًا لكان الإسلام كله  في محل اتهام

زار هذا الرجل الذي مثل يوم السبت الماضي 18 حزيران/يونيو أمام محكمة الجنايات في فرنسا، كلا من تونس ومصر وسريلانكا، ورغم أن هذا الرجل بدأ نشاطه "الجنسي" منذ عام 1980 إلا أنه كثّف نشاطه خلال رحلات سياحته الجنسية في الفترة ما بين 2002 و2011، أسفرت جرائمه الجنسية عن الإيقاع بـ19 طفلًا قاصرًا من سريلانكا و6 قاصرين في مصر و41 من تونس، أي أنّ الأغلبية الساحقة من ضحايا هذا الشاذ الفرنسي كانوا من الأطفال العرب والمسلمين.

اقرأ/ أيضًا: لماذا علينا ألا نثق بالمجتمع الدولي؟

الكارثة أن هذا الرجل الذي ضجت وسائل الإعلام الفرنسية في تغطية فضائحه ومحاكمته كان يعمل مديرًا لمأوى العجزة بمنطقة إيفلين في باريس، قوى الأمن الفرنسية في أثناء مداهمة منزله كانت عثرت على مئات الصور لأطفال تتراوح أعمارهم بين 8 و16 عامًا، كان قد اعتدى عليهم جنسيًّا خلال رحلاته السابقة. وقد صدم المحققون، كما تقول صحيفة L'Obs الفرنسية من فحوى آلاف الوثائق الموزعة على 9 أقراص صلبة مخزنة على حاسوب المتهم، بها صور ومقاطع فيديو سجلت مع ضحاياه الذين أجبرهم على القيام بألعاب ذات إيحاءات جنسية وصولًا إلى جرم الاغتصاب.

في كل تغطية عن هكذا فضائح وأحداث مقززة، سواء حدثت في أمريكا أو أوروبا نجد أن الإعلام الغربي يسارع إلى اعتبارها "حالات فردية"، ويتحمل عواقبها الوخيمة هذا "الوحش الشره جنسيًا"، لكن لو كان صاحبها أميرًا عربيًا أو شخصًا مسلمًا، فإن التهم ستتعدى حتمًا حالتها الفردية لتوجه التهمة "للجنس العربي" و"للإسلام"، ولكانت ستعقد الندوات وحلقات البحث في مراكز دراساتهم الديمقراطية حول "تعاليم الإسلام الوحشية" و"تاريخ العربي الشره للجنس"، كما دأب على تسويقه المستشرقون منذ مئات السنين.

حادثة أخرى تزامنت مع انطلاق محاكمة المغتصب والبيدوفيل الفرنسي، وهي حادثة اغتيال النائبة البريطانية الشابة جو كوكس البالغة من العمر 41 عامًا، والتي قتلت على يد بريطاني عنصري ينتمي إلى اليمين المتطرف الأوروبي، وهو بالمناسبة نسخة طبق الأصل عن اليمين المتطرف الإسلامي، فقد اغتال هذا العنصري السياسية البريطانية الشابة على الأرجح، لأنها كثفت نشاطها في الدفاع عن بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي، وكان سياسي بريطاني تعرض للاعتداء من عنصر آخر، لمواقفه المدافعة عن ضرورة بقاء بريطانيا تحت عباءة الاتحاد الأوروبي.

ما يفعله الغربي المتطرف والشاذ جنسيًا هو حادث شخصي، أما ما يفعله متطرف داعشي فيتحمل مسؤوليته الإسلام والعرب

طبعًا ظل اسم هذا البريطاني العنصري المتطرف مجهولًا في البداية كما هي الحالة مع الفرنسي "الشاذ جنسيًا"، أما في حالة أي اعتداء إرهابي فإن جنسيات الأشخاص تذاع فورًا حبذا لو وجدوا "جواز سفر سوري" بقرب المجرم، لتبدأ التهم تكال للعرب والمسلمين وتبدأ حوادث الانتقام والاعتداء من العرب والمسلمين في أرجاء أوروبا، وتحرق مخيمات اللجوء أيضًا.

اقرأ/ أيضًا: حلاوة التسبيح على أصابع الحسين

ومن ناحية أخرى، على الرغم من أن اسم الحركة التي نفذ عضوها جريمة اغتيال جو كوكس، معروفة وهي حركة "بريطانيا أولًا" المتطرفة ـ وقد صرخ بأعلى صوته وهو ينفذ جريمته "بريطانيا أولًا" ـ إلا أن الحادث ظل في إطاره "الفردي الأرعن"، ولم يتم حظر هذه المجموعة المجرمة ولم يتم إدراجها حتى على قوائم الإرهاب، أما المجرمون المسلمون والعرب فما أن يصرخوا "الله أكبر" حتى تنهال الويلات على العرب والمسلمين في القارتين الأمريكية والأوروبية.

ما يفعله الغربي المتطرف والشاذ جنسيًا هو حادث شخصي، أما ما يفعله متطرف داعشي فيتحمل مسؤوليته الإسلام والعرب، بات واضحًا لدرجة مقرفة ما يمارسه الإعلام الغربي "الحر" في أخباره من الترويج، لكون العنصرية والشذوذ الجنسي حالات فردية في الغرب، وفي الشرق المتهم بها بلا أدنى شك الإسلام والعرب.

يقول المسيح عليه السلام: "كيف تقول لأخيك: دعني أخرج القذى من عينك، وها الخشبة في عينك، يا مرائي، أخرج أولًا الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدًا أن تخرج القذى من عين أخيك".

اقرأ/ أيضًا: 

خلية "بيلدربيرغ".. التلاعب بمصائر البشر

حسن رابح.. الرقص في الريح