25-فبراير-2016

خالد البيه/ السودان

خرج عبدالفتاح السيسي يوم 24 شباط/فبراير في خطاب جديد ليتحفنا بأسلوبه العبثي المعهود، فسابقًا كان محمود درويش يتحدّث عن "خطب الدكتاتور الموزونة"، أي أنّ هناك شيء ما يمكن الاستناد إليه في خطابه، لكننا وصلنا إلى زمن صارت فيه حتى خطب الدكتاتور مأزومة.

يتحدث السيسي بأشياء لم يسبق لها أن صدرت من حاكم دولة من قبل، وكأنه لا يدرك معنى ما يقول

تحدث السيسي بطريقة مثيرة للسخرية والاشمئزاز، الجنرال الطبيب العالم الذي يستطيع تشخيص وعلاج كل الأمور كما يصف نفسه، وجّه رسائله مستخدمًا التهديد والتعجب والغضب والتمسكن في الوقت نفسه. تحدث وعلى وجهه ملامح الحزن المصطنع "والله العظيم لو ينفع اتباع هتباع"! في كلام غير متوقع أن يصدر من أعلى منصب في السلطة ولم يصدر من حاكم دولة من قبل، وكأنه لا يدرك معنى ما يقول.

الارتجال الذي اعتمد عليه لحصد الدعم خسر بسببه ووضعه في مأزق، ويؤكد أنه سيستمر في البناء من أجل مصر حتى يتوفى أو تنتهي مدته، في محاولة للترويج لنفسه أنه صانع الإنجازات والتعمير، لكن عذرًا، إنجازاتك لا تغني ولا تسمن من جوع، هي محض أوهام لحاكم لم يمتلك شرعية الإنجاز إلى الآن رغم كل الدعاية التي كرسها لمشاريع مثل ما يعرف بـ"قناة السويس الجديدة"، فالأزمة الاقتصادية المتصاعدة في البلاد، خصوصًا بعد شح الدولار تكشف حالة التخبط والفشل في إدارة الملف الاقتصادي كغيره من الملفات، وأن العائد الربحي لمشاريع السيسي لم تأت ثماره، ولا يعرف مدى ربحيته خلال السنوات القادمة.

اقرأ/ي أيضًا: فيديوهات السيسي "الواد ما بيجمعش"

لا يمكن التعامل مع خطابه الأخير بجدية من الأساس، لم يقدم ما يستحق التقييم والنقد بشكل تحليلي عملي، مسرحية هزلية يرتجل بطلها ما يقوله للجمهور.

من النقاط الغريبة في خطابه، حديثه عن بناء مصنعين للغاز، والانتهاء من بناء وتجهيز ثلاثة مطارات، لكن لم يعلن عن تلك المشاريع خوفًا من أهل الشر! هل يوجد بيع للوهم أكثر من ذلك؟ أي دولة تدار بهذه الطريقة؟

 وداعًا للبحث عن حلول جذرية للأزمة الاقتصادية والعمل على بناء اقتصاد إنتاجي، تكفي دعوات التبرع والاقتراض من الخارج

من ضمن ما تحدث به طلبه للشعب للتبرع "صبّح على مصر بجنيه"، وداعًا للبحث عن حلول جذرية للأزمة الاقتصادية والعمل على بناء اقتصاد إنتاجي، تكفي دعوات التبرع والاقتراض من الخارج. يقول السيسي "اللي هيقرب من مصر هشيله من على وش الأرض"، لا أعرف ما هذا الأسلوب الغامض المريب، إلى من توجه هذا الكلام أصلًا؟! 

اقرأ/ي أيضًا: هل تحرشت بك الأسماك من قبل؟!

حاول السيسي بكل الطرق اللعب على عواطف ومشاعر الجماهير -منتهى الديماجوجية- يجب تخويف العامة دائمًا بفزاعة المؤامرة والخونة الذين يريدون الخراب، وهو من يتصدى لهم بقوة وحزم، ويعمل من أجل خدمة الوطن فقط، وعلى الجميع أن يسدوا أذانهم ويستمعوا للسيسي فقط، فطلبه "اسمعوا كلامي أنا بس" فيه تفخيم كبير لدور "الأنا" وهدم لكل القيم المؤسساتية.

أكثر ما يلفت الانتباه في خطابه عندما صرخ غاضبًا "إنتو مين؟..إنتو مين؟"، تساؤله له إجابة عندي: نحن الذين نرفض ظلمك، وندافع عن حقنا في استكمال ثورتنا من أجل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، على الرغم من كل خططك لتأميم المناخ السياسي عبر إغلاق الميادين واعتقال المعارضين وملاحقة أصحاب الرأي، ما زلنا نقاوم نهجك الاستبدادي الإقصائي بمنتهى السلمية التي لن نتخلى عنها، لم يرعبنا انفعالك الذي يوضح ويؤكد واقعك المأزوم، وأسلوب التخويف والترويع لن يفيد أركان حكمك، في النهاية التشاركية خيارنا، والحرية والمساواة هدفنا، والسلمية ستظل سلاحنا دائمًا وأبدًا.

اقرأ/ي أيضًا:

في ناصرية وساداتية السيسي

أيادي السيسي الناعمة