22-أبريل-2016

قمع الطلاب في جامعة الخرطوم 15 نيسان/أبريل 2016

لماذا تواجه الحكومة السودانية، وطلابها، الاحتجاجات الطلابية المناوئة بعنف مفرط، يؤدي في كثير من الأحيان إلى سقوط قتلى وجرحى، حتى وإن كانت احتجاجات سلمية؟ يُعاد السؤال هذه المرة على خلفية مقتل الطالب في كلية الهندسة بجامعة كردفان، أبوبكر الصديق، في التاسع عشر من هذا الشهر، أثناء عنف صاحب انتخابات اتحاد طلاب الجامعة، وهي الأحداث التي جرت تحت أنظار الخبير المستقل لحقوق الإنسان، اريستد نونسين، الذي يزور السودان هذه الأيام.

 صار موت طالب في السودان اليوم لا يكاد يحرك دورة حياة الناس

يتذكر الممسكون بالسلطة اليوم، أن الطلاب في تشرين الأول/أكتوبر 1964، أسقطوا نظامًا عسكريًا بقيادة الجنرال إبراهيم عبود، ثم في سنوات الحكم العسكري الثاني "1969 – 1985"، أسهم الطلاب في خلخلة نظام المشير جعفر نميري حتى سقوطه. حسنًا، فلننتبه إلى أن حكام اليوم هم طلاب الأمس هؤلاء، وتخبرهم تجاربهم أن بإمكان الطلاب إسقاط النظام، رغم صعوبة هذا الأمر اليوم نظرًا لتغير كثير من المعادلات التي جعلت اكتمال شروط الثورة يتأخر أكثر من المعتاد.

اقرأ/ي أيضًا: شباب في جثث الأحزاب!

تخشى الحكومة، ربما، أن يؤدي اتساع نطاق تظاهرات الطلاب، إلى قدح شرارة الشارع الذي ظل متفرجًا لسنوات على مواجهات السلطة والطلاب من دون أن يتدخل. وفي ظل موجة الاحتجاجات التي تعم عددًا من الجامعات هذه الأيام، لا تبدو الحكومة في طريقها إلى تغيير طريقتها في التعامل بالعنف معها، قبل استفحالها وامتدادها خارج أسوار الجامعات.

هي حالة نفسية، تتلبس السلطة، وتلوِّح أمامها بكابوس أكتوبر الطلابي، واحتمال تكراره مرة أخرى إن هي تهاونت في وأد حركة الطلاب في مهدها. ولنظام البشير الحاكم، منذ انقلابه على الديمقراطية في العام 1989، تاريخ دموي طويل في مواجهة الطلاب، بل لم يقتل نظام حكم في السودان طلابًا بقدر ما قتل منهم هذا النظام، حتى صار موت طالب في السودان اليوم لا يكاد يحرك دورة حياة الناس.

ما السبب في كون الحاكمين يرون الشعب بفئاته المختلفة عدوًا لهم يجب قتاله؟

أمر آخر قد يجيب على سؤال عنف السلطات تجاه الطلاب، وهو طبيعة النظام السوداني العنيفة منذ بداياته، حيث لم يبدِ الإسلاميون رأفة خلال سبعة وعشرين عامًا حكموا فيها السودان، تجاه أي معارضة لوجودهم، أو أي تهديد يحسونه لسيطرتهم المطلقة على البلاد، بما فيها ومن فيها. تخبرنا بذلك إعدامات قاسية وقعت على متهمين بتجارة العملة، وضباط قادوا انقلابًا مضادًا وأعدموا عشية عيد الفطر، إضافة إلى مواجهة الطلاب بالرصاص الحي في الجامعات، مرورًا بأحداث سبتمبر 2013 التي أزهقوا فيها أرواح مئات الأطفال.

طبيعة النظام العنيفة تلك، تحتاج هي ذاتها إلى إجابة عن أسبابها، فهل هي الأيديولوجيا؟ هل هي الطبائع الشخصية لمن بيدهم القرار؟ ما السبب في كون الحاكمين يرون الشعب بفئاته المختلفة عدوًا لهم يجب قتاله؟ وإلى حين الاطمئنان إلى إجابات تسهم في فهم هذا النظام أكثر؛ أظل أحلم بكابوس الحاكمين ذاته: أن يُسقط الطلاب النظام. 

اقرأ/ي أيضًا:

عن صورة دارفور الباهتة

مرحبًا بك أيتها العصور الهمجية.. لقد وصلنا