04-سبتمبر-2016

طفل سوري في تركيا (EPA)

في المَخبَزِ
كَتَبْتُ جُلَّ قَصَائِدي عَن الحَرب
خَلَعتُ سُترَتي الوَاقِيةَ مِن الرّصَاصِ
ومَشيتُ خاويَ البطنِ كَأيِّ جَائِعٍ في بِلادِي
 
تَعلَّمتُ أنَّ العَدوَ الحَقيقيَ للرصَاصةِ
هو رَغِيفُ الخُبزِ
تَعلَّمتُ أيضًا أنّ الجُوعَ قَنَّاصُ الفُقرَاء
 
أخَذتُ عَن العَجّانِ أُصُولَ الصَّبرِ
أرشَدَني إلى وَجهِ التَّشابُهِ بَينَ الدمِ والدقِيق
كِلاهُما عَصبُ البَقَاءِ
وبهِما معًا يَحيَا الجيَّاع
 
تَعلَّمتُ ماذا يَعنِي أنْ تَخبِزَ أكثَر
يَعنِي أنَّ مَسَاحةَ الحَربِ صَارتْ بلادًا
وأنّ عَائِلةً نَازِحَةً
أَضَافَتْ خَيمَةً وَاحِدَةً على الأقَل
إلى بُيُوتِ المَدِينَةِ المَبنِيّةِ على الفَوضَى
والمُدَمَّرةِ على الأكثَر
 
حَدَّثَنِي العَامِلُ على قَطّاعةِ العَجِين
عَن خُطُورةِ التَّقسِيم
ثُمَّ أضَافَ ضَاحِكًا:
مَا أشبَهَ حَالَنا بالأرغِفَة
نُشوَى على مَهَلٍ
مِن مَخَاضِ المَاءِ إلى لَحدِ الحَرِيق
غَيرَ أنّنا لا نَسدُّ الرَّمَقَ كَالرَّغِيف
 
عَلّمَني الوَزَّانُ أنْ أفتَحَ قَلبِي للنَّاسِ نَافِذةً نافِذة
وأنْ أُعطيَهُم حِسّيَ طَازجًا
وبالقِسطَاسِ المُستَقِيم
عَلَّمَني أنَّ كُلَّ خَبَّازٍ في بِلادِي هو مَشرُوعُ شَاعِرٍ
وأنَّ السوريينَ -مُنذُ البِدء- أَبَاطِرةٌ
لا يُحِبُّونَ الكُنُوزَ المَرصُودَةَ
ولا النُّوافِذ المُغلَقة
 
في المَخبَزِ
نِمْتُ معَ ثَلاثَةٍ مِن العُمّالِ بَينَ أكيَاسِ الطحِين
شَاهدْتُ في الرّؤيا:
جَيشًا مِن العَفَنِ يَجتَاحُ جِرَاحًا أثخَنتْها الشَّظَايا
شَاهدْتُ جُثَثًا تَتَخمَّرُ على نَارٍ هَادِئة
وخُبزًا مُقمَّرًا بالدم
 
العَامِلُ الذي يَحفَظُ ابنَ سيرينَ عَن ظَهرِ قَلب
تَنبّأ بحلُولِ الكَارِثة!

اقرأ/ أيضًا:

رسالة متأخرة

السيَّدَة شيكيبو