09-نوفمبر-2016

عبد الرزاق مقري (فيسبوك)

حسمت حركة مجتمع السلم (كبرى الأحزاب الإسلامية) في الجزائر قرارها بشأن المشاركة في الانتخابات التشريعية المقررة في نيسان/أبريل المقبل، حيث صادق مجلس الشورى على خيار المشاركة في الاستحقاقات.

النقاش كان حادًا بين أعضاء مجلس شورى الحركة، وحتى بين "المناضلين" في قواعد الحركة، ليأتي القرار في النهاية لصالح المشاركة، حيث كشفت مصادر لـ"ألترا صوت" أن النقاش كان محتدمًا بخصوص المشاركة في الانتخابات من عدمها، وقد دافعت بعض الأطراف عن رأيها حول مقاطعة الانتخابات إلا أن الكفة مالت لـ"أصحاب فكرة المشاركة" والبقاء في الساحة الشعبية، خاصة وأن الحركة خاضت امتحانات عسيرة في استحقاقات سابقة.

داخل دواليب "حركة حمس" الإسلامية الجزائرية رفض البعض المشاركة في ما أسموه "مسرحية السلطة "

أقرأ/ي أيضًا: ماذا حدث لأمين عام الحزب الحاكم في الجزائر؟

وداخل دواليب "حركة حمس"، رفضت الأطراف، التي دافعت عن خيار المقاطعة في الحركة ما أسمته المشاركة في "مسرحية السلطة " بسبب نفاد الإحساس بإحداث التغيير، وبالرغم من حدة النقاش والمنهج المعارض للمشاركة في الانتخابات المقبلة، إلا أن رئاسة الحركة بقيادة عبد الرزاق مقري لم تقر التوجه في هذا المسار السياسي السلبي. ويذكر أن الحركة كانت قررت قبل التشريعيات الأخيرة في 2012 التخلي عن تحالفها مع حزبي السلطة (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي) فضلًا عن موقفها بعدم المشاركة في الحكومة.

وبحسب بعض الأصوات من داخل التنظيم، لعبت بعض الكوادر والشخصيات في الحركة، وبالأخص رئيسها السابق أبو جرة سلطاني وكذا القيادي عبد الرحمن سعيدي، دورًا مهمًا في إمالة الكفة لصالح المشاركة، وكذا العمل على المهادنة مع السلطة في هذه المرحلة بالذات وتليين الخطاب، بعدما ذهبت الحركة بعيدًا في الفترة الأخيرة في خط المعارضة الشديدة بعد تحالفها مع أحزاب المعارضة وبعض الشخصيات والكوادر تحت ما يسمى "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي"، التي تطالب بالتغيير الجذري.

ويعتبر المحلل السياسي عبد النور قارة أن الحركة اختارت المشاركة مثلما "كان قرارها دائمًا في قيادة قاطرة مناضليها نحو الدخول في معترك الاستحقاقات"، مضيفًا لـ"ألترا صوت" أن الحركة "ظلت تنادي بشعار ورثته عن رئيسها الأسبق الشيخ محفوظ نحناح وهو المشاركة من أجل قيادة البلاد نحو بر الأمان حيث لم تقاطع أي انتخابات خلال فترة التعددية الحزبية في الجزائر".

اقرأ/ي أيضًا: الإسلاميون في الجزائر..المجد الضائع

وأضاف "عبدالنور" أن المشاركة في الانتخابات المقبلة هي عبارة عن إعادة رص الصفوف، خاصة وأن مجلس الشورى أعلن عن دخوله في تحالفات سياسية مع تيارات أخرى، وهو ما يعني برأيه التعبير ضمنيًا أن خيار الدخول مع حزبين إسلاميين (النهضة وحركة الإصلاح الوطني) في تحالف خلال تشريعيات 2012 وما سمي بـ"تكتل الجزائر الخضراء" قد أثبت عدم جدواه. والحركة ستعقد تحالفات جديدة، ويحتمل أن تكون مع أحزاب من خارج التيار الإسلامي، لافتًا إلى أن الحركة ستختار حلفاءها هذه المرة بناءً على ما جنته من تجربة الخمس سنوات الأخيرة.

تبحث حركة مجتمع السلم في الجزائر عن استراتيجية قادمة للتحالف إما مع أحزاب لها نفس المرجعية أو مع أحزاب ذات فكر مختلف

وبرأي مراقبين، فإن مشاركة الحساسيات المختلفة المنضوية تحت غطاء التيار الإسلامي في الجزائر في الانتخابات المقبلة، سيعيد تصوير مشهد مختلف عن العهود السابقة، فكل الأحزاب الإسلامية ستشارك في الاستحقاقات، حيث وصف عبد المجيد مناصرة، رئيس حركة التغيير، المنشقة عن حركة مجتمع السلم، حال الإسلاميين مع التحالف في التشريعيات بمثل "حال حجاجنا في السنوات الماضية يذهبون إلى الصلاة جماعة وبعد الخروج من الحرم يذهبون إلى السوق فرادى"، في رسالة مشفرة توحي بأن التحالفات فيما بين الأحزاب الإسلامية ستكون ذات أولوية له.

على الأرض، تتسارع مختلف الأحزاب السياسية بتعدد مشاربها في إيجاد قاعدة عريضة تستند عليها في خوض الانتخابات المقبلة، فيما تبحث حركة مجتمع السلم عن استراتيجية تنتهجها خلال قادم الأيام للتحالف إما مع أحزاب لها نفس المرجعية "الإخوان"، والتي تأسست من طرف كوادر ترعرعوا في "حمس" مثل "حركة التغيير" و"حركة البناء" و"تجمع أمل الجزائر" أو مع أحزاب ذات مرجعية فكرية مختلفة.

هكذا، المشهد السياسي في الجزائر لا يزال "مغلقًا"، حسب ما ذكرته النائب في البرلمان الجزائري عن "تكتل الجزائر الخضراء" سميرة ضوايفية وهذا ما سيؤدي، برأيها، إلى مناخ غير موائم للأداء السياسي والعملية الانتخابية ككل.

وبخصوص التحالفات السياسية لحركة مجتمع السلم، ترى "ضوايفية" أن كل التحالفات التي أقدمت عليها الحركة كانت على مستوى القيادات العليا ولم تكن قاعدية ممركزة، ولكن قرار الحركة هذه المرة هو أن تترك للقواعد الفرصة للدخول في تحالفات محلية، دون إلزام القواعد بالتحالف مع أحزاب من نفس التيار.

وبرأي المتابع للشأن السياسي الإعلامي حفيظ سحالي فإن اللعبة السياسية في الجزائر تظل غير واضحة المعالم مع اقتراب موعد الانتخابات، وصرح "سحالي" لـ"ألترا صوت" أن "المشهد السياسي بات ضبابيًا، وخصوصًا بالنسبة للتيار الإسلامي، الذي يفترض أن يستفيد من تجربة نظرائه من الأحزاب في تونس والمغرب"، بحسب رأيه، فيما سيلعب هذا التيار على وتر الكتلة الناخبة التي منحته أصواتًا في التشريعيات الماضية والتي حصد خلالها 48 مقعدًا في البرلمان لتكتل الجزائر الخضراء وثمانية مقاعد لجبهة العدالة والتنمية، من بين 462 مقعدًا، فيما سيدخل هذه المنافسة العام القادم 70 حزبًا معتمدًا في امتحان عسير من أجل إقناع المواطن.

كما لفت سحالي إلى أن "الوضع الاقتصادي سيلقي بظلاله على الانتخابات المقبلة في ظل اعتراف الحكومة الجزائرية أن سنة 2017 ستكون صعبة جدًا على الجزائريين، وبالتالي فإن عملية إقناع المواطن بالبرامج الانتخابية ستكون بدورها صعبة.

اقرأ/ي أيضًا: 

الجزائر..تعديلات وزارية ضد تيار المعارضة

الحدود الجزائرية..تحديات السلاح والإرهاب