18-مارس-2016

تنسيق أمني متطور في الحدود التونسية الجزائرية (عبد الرزاق الخليفي/أ.ف.ب)

"عندما يطرح التهديد الأمني نفسه على الأرض، تتراجع كل الاتفاقيات السياسية والاقتصادية خطوة إلى الوراء، فيما يتقدم التنسيق الأمني بخطوات نحو الأمام"، هكذا يقيم المتتبعون في الجزائر سير العلاقات بين الجزائر وتونس في خضم الوضع الراهن وما يحدث على الأرض في شمال إفريقيا.

 تعتبر الجزائر وتونس أبرز المستهدفين من انهيار الوضع في ليبيا

كثفت الجزائر وتونس المشاورات السياسية مؤخرًا بهدف إيجاد مخارج لمختلف الأزمات التي تحيط بالدولتين، فبرأي الخبراء والمتتبعين للشأن السياسي والأمني في المنطقة، تعتبر الجزائر وتونس أبرز المستهدفين من انهيار الوضع في ليبيا وتعميق جراح الليبيين.

اقرأ/ي أيضًا: الجيش الجزائري.. عين على ليبيا وأخرى على تونس

وبذلك دفعت التحولات الأمنية على خطورتها مؤخرًا كلًا من الجزائر وتونس إلى تكثيف التنسيق الأمني والاستخباراتي بينهما على الأرض، وسارع من وتيرة التنسيق الاعتداء الإرهابي في منطقة "بنقردان"، جنوب تونس، وتبعه القضاء على ثلاث إرهابيين خطرين ومجموعة من الأسلحة الثقيلة في منطقة "الوادي"، في الحدود الجزائرية الليبية.

مع تصاعد التهديدات الإرهابية في المنطقة، ازدادت علاقات البلدين متانة في السنوات الأخيرة، برأي المحلل السياسي مروان الوناس في تصريحه لـ"الترا صوت"، حيث لاحظ أن "الجزائر التي تتحفظ حكومتها على ما يسمى سياسيًا وإعلاميًا الربيع العربي، أخذت موقفًا إيجابيًا من التحولات في تونس، كما أن موقفها من الصراع بين مختلف القوى كان إيجابيًا وشجعت الجميع على الحوار ولعبت أحيانًا دور الوسيط، والدليل أن مختلف رموز الحكم في تونس تزور الجزائر وتلتقي مسؤوليها بين الفترة والأخرى". وقد ساهم هذا الود والاستقرار والهدوء في تعميق العلاقات بين البلدين ومزيد التعاون في هذا الظرف الخطير في المنطقة.

وبخصوص الوضع الأمني الذي تشهده المنطقة وتهديدات تنظيم ما يسمى "داعش"، يقول الوناس إن "التنسيق في هذا الإطار كان قائمًا منذ سنوات، لكن التصعيد الجديد في العمليات داخل تونس وسعي تنظيم الدولة إلى التمدد دفع إلى تعزيز وتوثيق هذا التعاون الأمني والاستخبارات، وذلك على مستوى تأمين الحدود وتعزيز الوجود العسكري هناك".

رغم تحفظ مسؤولي الجزائر من "الربيع العربي" إلا أن الوضع الأمني المتدهور في المنطقة شجع على توطيد العلاقات التونسية الجزائرية

اقرأ/ي أيضًا: خطط مكافحة الإرهاب في تونس.. الجدل متواصل

ولفت المتحدث إلى أن الجزائر تلعب الدور الأكبر في "الجانب الأمني" لتعزيز التنسيق بين البلدين وذلك بالنظر إلى التجربة الأمنية التي خاضتها في سياق محاربتها للجماعات المسلحة طيلة العشريتين الأخيرتين فضلاً عن أن إمكانياتها العسكرية أكبر"، موضحًا أن "الخبرة التي تمتلكها المؤسستان الأمنية والعسكرية في الجزائر جراء حربها الطويلة والمعقدة ضد الجماعات المسلحة في الفترة السابقة تجعلها تقود التنسيق الأمني مع الجارة تونس". 

وبقيت العلاقات التونسية الجزائرية قوية ومدفوعة بعوامل تاريخية واجتماعية رغم الأزمات في تاريخ البلدين، غير أن عنوان العلاقة بين البلدين انحاز في العقد الأخير إلى التنسيق الأمني وتنمية المناطق الحدودية. وبالعودة إلى عمق التاريخ بين الشعبين والبلدين فإن "حالة الارتباط الوجداني والشعبي بين تونس والجزائر والحدود المشتركة، كلها عوامل دفعت بالبلدين إلى التماسك في مختلف الفترات"، يقول أستاذ العلاقات السياسية والدولية ناصر قداش لـ"الترا صوت".

ويؤكد قداش أن "الحساسية المفرطة للسلطة الجزائرية من ما يعرف بثورات الربيع العربي والتحولات الناجحة مرحليًا في تونس جعل الجزائر دومًا منفتحة على ما يجري في تونس وشديدة الانتباه"، مشددًا على الرهان الحقيقي لكلا البلدين في هذه المرحلة بالذات هو "التغلب على الإشكالات الأمنية التي باتت تهدد أمن البلدين".

هكذا انتهى كل من النظام الجزائري والتونسي إلى تغليب التعاون والتنسيق في المجال الأمني، حيث تم ترتيبه في أعلى هرم أولويات البلدين قبل أي تعاون اقتصادي أو تجاري، بدليل أن مستوى التعاون في المجال الأمني "تجاوز العرف الدبلوماسي"، حسب المحللين، في مقابل إخفاق بيّن في إنجاز ميداني في مجالات التعاون التجاري الضعيف جدًا.

اقرأ/ي أيضًا:

عن سنوات المصالحة العشر في الجزائر..

من يفكر للدواعش؟!