10-يناير-2016

تعنيف شديد شهده المغرب في السابع من الشهر الجاري (ألترا صوت)

يوم الخميس السابع من كانون الثاني/يناير الجاري، خرج الأساتذة المتدربون المغاربة في مسيرات احتجاجية لإسقاط مرسومين حكوميين، يقضيان بتخفيض قيمة المنحة المادية إلى النصف، وفصل التكوين عن التوظيف. وقبلها كان رئيس الحكومة، الإسلامي التوجه، عبد الإله بنكيران قد قال إن إسقاط المرسومين غير ممكن بتاتًا. 

إن لجوء أي دولة للعنف غير المبرر يعني شيئًا واحدًا، هو إفلاسها كدولة

قام رجال القوات المساعدة والأمن التابع لوزارة الداخلية، في الحكومة نفسها، بتعنيف المتظاهرين بشكل مفرط وغير مبرر بتاتًا، وهكذا يكونون قد أبطلوا العمل بالفصل 22 من الدستور المغربي القاضي بتجريم العنف ضد المواطنين أيًا كانوا وأيًا كان مرتكبه. هكذا تكون الحكومة التي اعترضت على مطالب المتظاهرين بإسقاط مرسومين حكوميين، قامت بنفسها باختراق فصل من الدستور الذي يفترض أن يكون مضمونه وواجب احترامه أسمى من مرسومين حكوميين صوت عليهما الوزراء فقط.
 
ومن دواعي الغرابة، داخل الاستثناء المغربي المزعوم، أن يخرج وزراء وأطر من الحزب الحاكم بتصريحات تدعي أن العنف الذي مورس على الأساتذة المتدربين خلال احتجاجهم لا يتحمل المسؤولية فيه إلا وزير الداخلية، وهو للإشارة وزير تكنوقراطي. كأن وزارة الداخلية غير تابعة لرئيس الحكومة. وهذا ما يشكل استفزازًا لأدنى مستويات المسلمات المنطقية في السياسة.

الحديث عن الاستثناء المغربي بدأ بعد أن استطاع النظام المغربي الخروج بأقل الأضرار من تسونامي الانتفاضات الشعبية التي اصطلح عليها بالربيع العربي سنة 2011. صفة الاستثناء هذه استعملها السياسيون بغير قليل من المكر. فهي وإن كانت صائبة في بعض الجوانب، تحمل في طياتها ما لا يخفى من تهديد بأن ما وصل إليه المغرب سياسيًا بعد الربيع العربي هو السد المنيع والوحيد، في وجه حالة الفوضى التي عرفتها دول أخرى في المنطقة.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها مواجهة الاحتجاجات بعنف مفرط، فقد سبق أن سلّط هذا العنف على أشكال احتجاجية مختلفة منذ دخول دستور 2011 حيز التنفيذ. إلا أن الجديد في هذه الحالة هو حدة العنف الذي تعرض له أساتذة المستقبل، وموجة التعاطف والاستنكار التي خلفتها داخل فئات مختلفة من المجتمع. 

إن لجوء أي دولة للعنف غير المبرر يعني شيئًا واحدًا، هو إفلاسها كدولة. وهذا هو الدرس البليغ الذي قدمته هذه العشرية التي تجري سنواتها فوق جمر ملتهب في المنطقة العربية برمتها. ولكن هذا الدرس يبدو صعبًا جدًا على أفهام الساسة. كأن إنساننا البئيس لا يستحق أن يتنفس هواء الحرية والعدالة ويمارس حقه في الرفض والاحتجاج. هذا الحق الذي سالت من أجله أنهار من الدم منذ قرون، ويبدو، للأسف، أنها لن تكف عن الجريان.

اقرأ/ي أيضَا:

الحرية لصوت المغرب.. هشام المرآة

"دنيا بطمة وأخواتها".. ليس للمغرب إلا هذه الواجهة!