17-سبتمبر-2016

وزيري الخارجية الأمريكي والروسي في لقاء سابق (Getty)

لا يزال الاتفاق الروسي – الأمريكي، بشأن وقف إطلاق النار في سوريا "هشًا"، على الرغم من أنه في الـ24 ساعة الأولى منه لم يسقط قتلى في أي من مناطق سيطرة قوات المعارضة، مع استمرار القصف المدفعي، وتنفيذ مقاتلات النظام السوري لغارات الجوية على مناطق شمال سوريا، أي حلب وإدلب.

الهدنة التي تحاول موسكو تمديدها، وتُلزم المعارضة بقبولها، تترك للنظام السوري حرية القبول بها أو رفضها، ما يعني أنها هدنة من طرف واحد

إلا أن اليومين الماضيين حملا في جعبتهما تطورات جديدة طرأت على الاتفاق "السري" بين واشنطن وموسكو، وهو انتظار قافلة المساعدات الأممية موافقة النظام السوري على دخولها مدينة حلب، ما يطرح تساؤلًا حول ماهية الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان، وتعهدات موسكو بالضغط على نظام الأسد، قبل أن تبدأ التلويح مهددة بكشف بنود الاتفاق.

اقرأ/ي أيضًا: معارك الهلال النفطي..الأزمة الليبية باقية وتتمدد

أولى التصريحات التي أعقبت اليوم الأول للاتفاق، ووصلت للصحافة الغربية، كانت مطالبة موسكو على لسان دبلوماسييها التزام واشنطن بوعودها، واستهداف "جبهة فتح الشام"، حتى وصل الحد إلى مطالبة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف واشنطن التعامل مع بنود الاتفاق بـ"نزاهة"، متهمًا إياها بالحفاظ على "فتح الشام" لتغيير النظام السوري.

النقطة التي يمكن اعتبارها غيرت موازين بنود الاتفاق، كانت في إصدار فصائل المعارضة المنضمة لمكون "الجيش السوري الحر" بيانًا، و"حركة أحرار الشام الإسلامية" منفصلة، لكنها استخدمت البيان عينه، يؤكدان فيه رفضهما استثناء استهداف "جبهة فتح الشام"، ما جعل الاتفاق يتأرجح منذ بدايته، كون بعض الفصائل الموقعة على البيان لديها علاقات طيبة مع الجانب الأمريكي، وثانيها أنها مرتبطة بتحالفات عسكرية في معظم المناطق مع "فتح الشام".

اقرأ/ي أيضًا: مأزق الخليج في مصر

الولايات المتحدة أظهرت، مساء الجمعة 16 أيلول/ سبتمبر الحالي، أنها تريد التعاون مع موسكو لإنجاح الاتفاق، لكنها قالت على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، جون كيربي، إنها لن تستهدف الفصائل المتشددة، في إشارة لـ"فتح الشام"، قبل أن تدخل المساعدات إلى مدينة حلب، والتي من ضمنها "طحين" يكفي لـ150 ألف شخص، فيما التقديرات الأممية تشير إلى وجود نحو 300 ألف شخص يعيشون في الأحياء الشرقية.

الرد الروسي جاء مقتضبًا على الطلب الأمريكي، وهو محاولتها استخدام نفوذها للضغط على الأسد حتى يقبل بدخول المساعدات، إلا أن النظام على ما يبدو، سيلعب على ورقة مواليه وميليشياته في بلدتي (نبل والزهراء) في ريف حلب، وهو ما تناقلته وسائل إعلام محلية، تقول إن مدنيي البلدتين سيمنعان دخول المساعدات إلى أحياء الشرقية، ما لم تدخل إلى بلدتي (كفريا والفوعة) المحاصرتين من قبل قوات المعارضة في ريف إدلب، علمًا أن الطائرات الروسية والسورية ترمي لهما بشكل دوري المظلات الغذائية والطبية.

والواضح من الاتفاق الروسي – الأمريكي، بقاؤه بعيدًا عن متناول الرأي العام الدولي، والحفاظ على سريته، وهو ما تلوح به موسكو يوميًا، مطالبة واشنطن بالكشف عن تفاصيله، ما جعل الدول الكبرى، وعلى رأسها فرنسا، تريد الكشف عن بنود الاتفاق، والتصريحات المتوالية للمسؤولين الروس، التي تطالب واشنطن بإعلان تفاصيل الاتفاق.

ويبقى البند المتفق عليه بين الطرفين، العمل المشترك على استهداف "جبهة فتح الشام"، ظاهرًا بشكل استثنائي للعامة، لكن باقي التفاصيل لا تزال طي الكتمان، وأولى البنود المسربة نوعًا ما، كانت إعلان مسؤولين روس، أن الاتفاق لا يتضمن مصير بشار الأسد، وهو ما ينتظر في الأيام القادمة نشره، على أن الأيام لن تطول بنا كثيرًا، بما أن الأمم المتحدة عبرت عن قلقها من موجة العنف التي ظهرت من جديد، في ظل الهدنة التي تحاول موسكو تمديدها، وتُلزم المعارضة بقبولها، فيما تترك للنظام السوري حرية القبول أو الرفض، ما يعني أنها هدنة من طرف واحد.

اقرأ/ي أيضًا: 

حزب التحرير... امتحان للجمهورية الثانية في تونس

الهجمة السعودية المرتدة على الأزهر