03-يناير-2017

من احتجاجات بجاية (مواقع التواصل الاجتماعي)

تتصاعد مؤشرات التوتر الاجتماعي في الجزائر مع بداية السنة الجديدة، على خلفية ارتفاع الأسعار وبداية تطبيق التدابير، التي تضمنها قانون المالية لسنة 2017، إذ انطلق إضراب عام للتجار في عدة محافظات من بينها "البويرة" و"تيزي وزو" و"بجاية" (من منطقة القبائل، وهي منطقة ذات أغلبية أمازيغية) وتحولت بعض الاحتجاجات إلى حوادث تخريب، قادها شباب بحرق بعض الممتلكات الخاصة وإشعال النيران في العجلات المطاطية.

تتصاعد مؤشرات التوتر الاجتماعي في الجزائر مع بداية السنة الجديدة، على خلفية ارتفاع الأسعار مع تخوف من سيناريو للفوضى والانفصال

ورغم تطمينات الحكومة، إلا أن المواطن بدأ سريعًا يتحسس ارتفاعًا لافتًا لأسعار المواد الاستهلاكية والخدماتية، وهو الارتفاع الذي سيضعف القدرة الشرائية للمواطن وخصوصًا من ذوي الدخل الضعيف والمحدود، وينبئ بعام صعب على جيوب المواطنين.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر.. قانون الموازنة يقسّم البرلمان؟

إضراب التجار في بجاية كان "استجابة" لدعوات، تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، دفعت بالتجار إلى إغلاق المحلات احتجاجًا، لكنها ليست المرة الأولى التي تعرف فيها المنطقة هذا الإضراب حيث شهدت محافظات تزي وزو وباتنة وبومرداس والبويرة في كانون الأول/ديسمبر الماضي احتجاجات مشابهة.

وحول ذلك، نفى الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين توجيه أي نداء للتجار بالإضراب، وندد الأمين العام للاتحاد صالح صويلح بـ"التهديدات التي تلقاها تجار بعض المحافظات من طرف شبان مجهولي الهوية بحرق محلاتهم في حال بقيت مفتوحة"، حسب تعبيره.

ولحد اللحظة فإن دعوات الإضراب والاحتجاجات تبقى وراء الظل، بمعنى أنها مجهولة المصدر، حيث يرى المتتبعون للشأن الاجتماعي في الجزائر أن المشكل المطروح هو هوية الأطراف التي تدعو إلى الحراك الاجتماعي في الشارع والتي تظل مجهولة ومختفية وراء الشبكة العنكبوتية، فضلًا عن أن مطالب المحتجين "غير واضحة المعالم"، وهو ما يراه الأستاذ في علم الاجتماع نورالدين صفوان، الذي يوضح: "أي حركة احتجاجية ترتكز على أسس ومطالب لكنها غامضة إلى حد الآن بالنسبة لهذا الحراك".

وفي هذا الصدد، حذر الأستاذ صفوان من أي انزلاق في الشارع وركوب بعض الأطراف التي "تتجه نحو الفتنة" موجة الاحتجاجات خصوصًا مع تحولها إلى أعمال شغب وسرقة لبعض المحلات الكبرى في تلك المناطق، وهو ما يؤدي برأيه إلى "انفلات أمني يدفع نحو اللااستقرار وأخذ البلاد نحو المجهول".

لكن أستاذ علم الاجتماع صفوان لا ينفي أن "تطبيق قانون المالية الجديد من شأنه أن يزيد من تعميق الهوة الاجتماعية والتصدع في العمق الجزائري بسبب انخفاض القدرة الشرائية لديه، وتوسع الطبقة الفقيرة".

اقرأ/ي أيضًا: ملف "الحركي" في الجزائر.. المسكوت عنه

وفي قراءة أولية للاحتجاجات من الجانب السياسي، اتهم النائب في البرلمان الجزائري عن جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف (ذي توجه إسلامي) "أيادي خفية بكونها تحرك الفتنة في عديد المحافظات الجزائرية"، لافتًا في تصريحات لـ"ألترا صوت" إلى أنها "تحمل بصمات الداعين لانفصال منطقة القبائل (البويرة وتيزي وزو وبجاية) عن الجزائر وهي حركة يقودها فرحات مهني"، مذكرًا أن "قوى المعارضة في البرلمان الجزائري رفضت قانون المالية للسنة الحالية حيث ضم قوانين تفرض رسوًما جديدة على بعض المواد الاستهلاكية والخدمية مثل الزيت والسكر والقهوة والحليب والبنزين والكهرباء والغاز وهو ما سيثقل كاهل المواطن وسيدفع إلى "تفقير الشعب الجزائري" من خلال توسيع الوعاء الضريبي".

حذرت المعارضة الجزائرية سابقًا من احتجاجات متوقعة مع بداية تطبيق قانون المالية الجديد نظرًا لإثقاله كاهل المواطن بالرسوم والضرائب

وكانت المعارضة الجزائرية قد حذرت سابقًا من احتجاجات متوقعة مع بداية تطبيق قانون المالية الجديد. وكحلول أولية للوضع الحالي، دعا ذات النائب السلطة في الجزائر إلى التعامل مع أي احتجاج بحكمة دون جره نحو أي انزلاق عنيف وامتصاص غضب المحتجين عن طريق اتخاذ قرارات شجاعة والإعلان عنها، حيث اقترح "إيجاد مخارج للتوقف عن إرهاق ميزانية المواطن بالرسوم والضرائب".

من جانبها، دعت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سكان بجاية إلى "توخي الحذر"، قائلة في بيان لها سلمته للصحافة المحلية أن "المطالب الاجتماعية المشروعة لا يمكن تحقيقها إلا في إطار سلمي". وتتخوف الرابطة من تحول الاحتجاجات السلمية إلى غضب شعبي قد "يؤدي بالبلاد إلى الخراب والانزلاق"، حسب ذات البيان.

واعتبرت الرابطة أن إضراب التجار يبرز "إصرار المواطن للدفاع عن حقوقه الاجتماعية والاقتصادية المهددة بسبب قانون المالية لسنة 2017، جراء الأزمة الاقتصادية التي تعرفها البلاد بسبب انخفاض مداخيل النفط.

في الشارع، يتخوف الجزائريون من تكرار سيناريو كانون الثاني/يناير 2011، حيث اندلعت حركات احتجاجية في مختلف محافظات الوطن كادت أن تتحول إلى خراب سميت وقتها بـ"احتجاجات الزيت والسكر" على خلفية ارتفاع أسعار هاتين المادتين، وهي الاحتجاجات التي احتوتها السلطة آنذاك واتخذت بشأنها قرارات، اعتبر البعض أنها جنبت البلاد الفوضى.

اقرأ/ي أيضًا:

بسبب قانون التقاعد..نقابات جزائرية تصعد بالإضراب

معركة كسر عظام بين الحكومة والنقابات في الجزائر