25-أغسطس-2015

من الملتقى الثالث للمدونين العرب (فتحي بلعيد/أ.ف.ب/Getty)

أسوةً بغيرها من البلدان، تنتشر في موريتانيا ظاهرة الأسماء المستعارة في عالم التدوين الإلكتروني، حيث باتت الأخيرة مصادر موثوقة في المعلومات الثقافية والتاريخية، رغم مجهولية أصحابها وما تواجهه من سجالات بين رفضٍ وقبول. 

وتشهد الشبكة الموريتانية نشاطًا لمجهولين كثر، لا سيما عى صفحات موقع "فيسبوك"، في مجال التدوين الثقافي السري مغتنمين بذلك مستوى الحرية التي يتيحها التخفي وراء الاسم المستعار، خاصةً في ظل كثير من المحظورات تحصر الكتابة بمواضيع محددة، أو في ظروف محددة، غير محمودة العواقب.

يظل المتخفون وراء الأسماء المستعارة، مصدرًا من مصادر المعلومة بمختلف أشكالها في موريتانيا

"إكس ولد إكس ولد اكرك" أبرز مدون باسم مستعار، وقد سبب الحيرة في نفوس القراء والمهتمين بحثًا عن هويته والتعرف عليه. وبات ما ينشره محل إعجاب وتقدير لنوعية معلوماته وتوسعها، وصلته بمجالات الثقافة والآداب والاجتماع في تاريخ وحاضر البلد، وأصبح مصدرًا مرجحًا في نسبة الشعر، حاله في ذلك حال قدامى رواة الشِّعر في التراث العربي.

وفيما كان "إكس ولد إكس ولد اكرك" الأبرز والأقدم، في اتخاذ هذه الخطوات السرية، ظهرت حديثًا أسماء جديدة مثل الطيب عبد الله ديدي، ولد القرية المعلوم، وغيرهم.. وهم مدونون جادّون، يعيشون معركة وهمية في محاولة حجز مكان مع باقي المدونين، وخلال ذلك يواصلون منشوراتهم في المعلومات الثقافية والعلمية الخاصة عن البلد وتاريخه، لكن الأهم في ذلك كله هو اشتباكهم مع القضايا الراهنة من موقع نقدي، واهتمامهم بتغطية أخبار الحكومات والاهتمام بالمشاريع المتعلقة بالتحسين لظروف المواطنين، وبالشجاعة اللازمة باتوا يفضحون الكثير من المشاريع الوهمية، والصفقات السرية التي تحدث تحت إشراف ورعاية الممسكين بهرم السلطة في موريتانيا.

الشاعر والمدون أحمد مولود ولد أكاه، يرى أن تناول المدونين لبعض القضايا الاجتماعية أو بعض الأخبار يشبه التحرك في حقل ألغام، ولذلك قد يلجأ المدون إلى التمترس خلف اسم مستعار تفاديًا للخطر المتوقع. وقال ولد أكاه إنه يتابع هذا الأسلوب بتحفظ، لكنه يرى أن مجهولية أصحابه قد تجعلهم أكثر تجردًا من الحسابات الشخصية لإعطاء نقد صريح وبناء وتقديم الحقائق خالصة دون رتوش.

ويري الباحث أمحمد ولد شينا إن التدوين السري في البلد ظهر مع الصحافة الإلكترونية كتجربة للخوص في القضايا الأدبية والثقافية للبلد بشكل أوسع، وبحرية غير تلك التي تسمح بها حساسية بعض المواضيع المتناولة. بدوره، يقول ولد شينا "الخبر الثقافي في موريتانيا يرتكز إلى الإنتاج الأدبي والنقدي وبعض الفعاليات التي تشهدها الساحة الثقافية والأدبية من حين لآخر.

ولا يزال الغموض يكتنف الكثير من الحسابات المجهولة والنشطة في موريتانيا. كما اتضح وهم ادعاءات الكثيرين، ليظل المتخفون وراء الأسماء المستعارة، مصدرًا من مصادر المعلومة بمختلف أشكالها في موريتانيا.