13-فبراير-2016

أيمن صلاح طاهر/ مصر

يدعونه عيد الحب، يحتفل فيه المحبون بمختلف أشكالهم بحب من يبادلونهم نفس المشاعر، مؤخرًا أصبح فالنتاين لا يقتصر على العشاق فقط إنما أيضًا على مختلف المحبين، حب الإخوة، حب الأهل، حب الأبناء، حب الأصدقاء، حب الحياة، حب الموت أو حب الذات، هل يجوز أن يحتفل أحدهم بحب ذاته؟ قد لا يجد في حياته من يحبه، أو بمعنى أصح من يستحق حبه، فاختار أسهل الطرق، كما يقول نزار في خالدته "الرسم بالكلمات": "أنا عاجز عن عشق أية نملة/ أو غيمة عن عشق أي حصاةِ: جربت ألف عبادة وعبادة/ ووجدت أفضلها عبادة ذاتي".

هل الاحتفال بالحب يجوز في بلادنا من الأساس؟ دينيًا؟ لست أدري! هو مظهر غربي في الأساس، يحتفل فيه الغرب بالحب والزندقة وكل المحرمات! هو مظهر من مظاهر الاحتفال بشيء لم نعرفه ودومًا ما ننبذه ونطرده بعيدًا، الحب مرتبط لدينا دائمًا بالحرام، كم سمعنا دعاء اللهم ارزقنا الحب الحلال! حتى تلك المشاعر أدخلناها فى قوس الاختيار بين الحلال والحرام، هل يجوز الاحتفال بالحب في موطن الكراهية؟ هل يجوز الاحتفال بالحب في مقبرة الحب والإنسانية؟ هل يجوز أن تكون إنسانًا في بلد البهائم؟!

كيف لنا أن نحتفل بالحب في تلك البلاد التي تكرهنا، وتجبرنا على طرد ما تبقى من حبها في القلب، كيف لنا أن نحتفل بالحب في هذا البلد الذي يُدعى "بلد الدم".. من منّا لا يعرف قريبًا أو صديقًا أو جارًا إلا ورحل عن دنياه مخلفًا بحورًا من الدماء التي لا تجف على تراب هذه الأرض، لم يمت في حرب، لم يمت في بطولة، لم يمت إلا لمجرد أنه عاشق لهذه الأرض، عشق يؤدي إلى الوفاة ثم تطلبون منا أن نعشق.. أي جنون هذا!

لست أدري لماذا اختير اللون الأحمر كلونٍ للرومانسية، إنه أبغض الألوان، الدماء التي تحيط بنا وتغرقنا حتى لا نستطيع التقاط أنفاسنا، يومًا بعد يومِ يزيد بحر الدم، يمارس المد ولا يعود جزرًا، كيف لنا أن نحتفل بالحب في تلك البلاد التي لا تنظر إليه إلا بنظرة تملؤها الشهوانية الحيوانية، كيف لنا أن نحتفل بالحب في بلد الدم، في بلد قد تسلبنا من نحب في أي لحظة، وبدون أسباب، لماذا نزيد أوجاعنا، إما أن نترك الحب أو أن نترك البلاد، فالحب في بلادنا من المحرمات الدينية والمحظورات الفكرية، إياك أن تُحب، إياك أن تحب شخصًا يملك فكرًا معارضًا فتؤمن به، إياك أن تُحب الفكر ذاته، إياك أن تؤمن بفكرة وتحبها، إياك أن تُحب الحلم، إياك أن تحلم، ليس مسموح لنا بالحب داخل جدران هذه البلدة.

ربما سيسمحون لنا بممارسة الحب والاحتفال بالفالنتاين في حالة واحدة فقط، بل أيضًا سيباركه الشيوخ والقساوسة.. في حالة حب النظام، أحبوا النظام واتركوه يمارس الحب معكم، وانتشوا بتلك الممارسة واحتفوا بحبكم له، سيبادلكم النظام المضاجعة، فتبادلونه التأوهات، فتباركها الأديان، أحبوا النظام وآمنوا به، يرحمكم النظام، وما دونه فلتكفروا به، وليكفر بكم!

اقرأ/ي أيضًا:

قصائد للجوعى

أن تبقى حيًا