11-أغسطس-2016

امرأة أمام مستشفى اليرموك التي حدث بها الحريق (Getty)

وزارة الصحة العراقية، هي واحدة من المؤسسات التي يتصارع عليها ساسة العراق وأحزابهم. إن لم يكن الصراع على موارد الوزارة، فهم يتصارعون على الأموال الطائلة لشراء الأدوية والمستلزمات الصحية من دول العالم. أكثر من مرة كشف فساد في هذه الوزارة وبملايين الدولارات، لكن كأن شيئًا لم يحدث.

يبدو أن مشفى اليرموك كان بلا مطافئ حريق للطوارئ فإطفاء حريق الردهة استغرق ثلاث ساعات أزهقت فيها أرواح 11 طفلًا عراقيًا

منتصف الأسبوع الحالي حدث حريق في مستشفى اليرموك وسط العاصمة بغداد. هذا الحريق لم يكن عرضيًا أو هامشيًا، بل كان متن القضية. اشتعلت ردهة "الخدج" التي يتواجد بها أطفال عمرهم أيام وربما ساعات. كان ذنب هؤلاء أنهم ولدوا في بلد يُديره مجموعة من المتحاصصين حتى على هوائه.

اقرأ/ي أيضًا: العراق..الجبوري بريئًا من الفساد في ساعة واحدة

أحد عشر طفلًا كانوا ضحية "تماس كهربائي". هذا التماس الذي يحدث دائمًا في دوائر العقود في الوزارات، أو في أماكن تحتوي وثائق تدين مسؤولين عراقيين بالفساد، أو في ردهة أطفال لم يلحقوا أن يتنفسوا هواء العراق. لكن هذا التماس لم يحدث في أي من أماكن تواجد المتحاصصين من الساسة.

مثل حادثة تفجير الكرادة الأخير، يبدو أن المشفى كان بلا مطافئ حريق للطوارئ. إطفاء حريق الردهة استغرق ثلاث ساعات، رغم أن مساحته ليست كبيرة ولا توجد هناك مواد متفجرة أو كيميائية قد تفاقم الحريق أكثر.

كالعادة عزت وزارة الصحة العراقية أسباب الحريق إلى حدوث "تماس كهربائي"، بينما يرى البعض أنه حادث متعمد، فكاميرات المراقبة تغير اتجاهها قبل الحريق، كما أن هناك معلومات تُتداول عن وجود مبالغ رسوم من المرضى قد سُرقت من إحدى الغرف. تُقدر تلك الأموال بـ120 ألف دولار أمريكي.

مدير مستشفى اليرموك الذي تسلم منصبه قبل أسبوع من الحادثة، الدكتور سعد حاتم، عزا السبب في زيادة شدة الحريق إلى عبوات الأوكسجين الموجودة في الردهة. ويقول إن "المشفى غير تابع لوزارة الصحة العراقية، وإنما لمحافظة بغداد". هذا التصريح يُبين أن هناك صراعًا سياسيًا وصل إلى أقشام الأطفال الرضع في المشافي.

الناطق باسم وزارة الصحة، أحمد الرديني، قال إن "11 من الأطفال الخدج في مستشفى اليرموك بالعاصمة بغداد، لقوا مصرعهم نتيجة الحريق، وتم إجلاء 29 امرأة من المرضى الذين كانوا في الجناح والذي يضم الأطفال حديثي الولادة من مستشفيات أخرى في بغداد".

اقرأ/ي أيضًا: حلب..الشرقية تلتقي بالغربية

قصة هؤلاء الأطفال الـ11 هي القصة الأكثر استغرابًا، فهؤلاء ظلوا في المشفى لكي يعالجوا ويخرجوا في وضع صحي جيد، لكنهم أحرقوا قبل أن يروا الشمس. هي الحادثة الأسرع في العالم. حريق لأطفال في ساعاتهم الأولى بهذا العالم.

لا تؤكد هذه الحادثة إلا رثاثة فكر الأشخاص الذين يديرون المؤسسات الصحية في العراق، ومدى الإهمال من ناحية السلامة العامة لها. فالمشفى الذي لا يحتوي على مطافئ حريق، ويفتقد لأبسط متطلبات الرعاية الصحية، لا يُمكن له أن يُصنّف مؤسسة صحية مثل مستشفيات دول العالم الأخرى.

اقرأ/ي أيضًا: 

النازحون في العراق..مخيمات الموت المهملة

2016..النظرية التي تفسر عامًا سيئًا للغاية