19-سبتمبر-2016

مما جاء في شعائر الإسلام وللتقرب من الله يقدم المسلمون كل سنة أضحية تذبح أول أيام عيد الأضحى. وهي من الشعائر المشروعة لدى مختلف المذاهب الدينية الإسلامية المتنوعة حيث إن أصل تقديم القربان معروف في مختلف المعتقدات، إذ يقوم الإنسان بإهدائها عادةً للقوى التي يعتقد أنها تتدخل في حياته وذلك خوفًا أو حبًا، أما بالنسبة للمسلمين فيرتبط الأمر غالبًا بقصة النبي إبراهيم وابنه إسماعيل والتي ذكرت في القرآن في سورة الصافات. ومن الأحاديث التي يستند عليها حديث أنس بن مالك، حين قال: "ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما".

في مثل هذه المواقف تظهر الفلسفة التي تمتاز بها مجتمعاتنا المادية المليئة بالحقد الطبقي ناهيك عن طريقة التعامل القاسية مع الحيوانات البريئة التي لا ذنب لها سوى أنها على قيد الذبح يومًا ما

ويشترط أن تكون الضحية "خالية من العيوب" وأن تكون ملكًا للذابح أو المضحي، والنية، وبعض المذاهب تشترط تقديم أو تصديق قطعًا من لحم الجثة وهي جديدة الذبح.

قبيل عيد النحر ببضعة أسابيع وفي المجتمعات التي نجد فيها هذه التقاليد والطقوس، نرى في أماكن عديدة "مراقد" للكباش لبيعها بأسعار من المتوسطة إلى الملتهبة حسب رأي الناس والتي تنتهى معظمها بشراء أضحية في آخر المطاف حتى لو كان حقيقة الأمر لا حبًا ولا خوفًا من الله بل تيمنًا ببعضهم البعض وتباهيًا بالحيوانات وأشكالها، فلو اشتريت كبشًا سمينًا ذا قرنين طويلين فأنت غني أو على الأقل "لابأس بك" و"عندك دراهم" وإن كانت ضحيتك هزيلة أو "عتروس" أي جدي فأنت من طبقة العمال أو الفقراء، وإن لم تشترِ مطلقًا فلا كلام عليك وقد تكون فقيرًا.

اقرأ/ي أيضًا: عيد الأضحى في الجزائر.. عرس السواطير

في مثل هذه المواقف تظهر هذه الفلسفة التي تمتاز بها مجتمعاتنا المادية المليئة بالحقد الطبقي ناهيك عن طريقة التعامل القاسية مع الحيوانات البريئة التي لا ذنب لها سوى أنها على قيد الذبح يومًا ما. فالأغنام كبقية الكائنات الحية لديها مشاعر وأحاسيس ولغة تتواصل مع بعضها البعض وليس جديدًا أن نرى أشخاصًا تعاملها بعنف وسادية تدمع لهما عين الإنسان، والأسوأ أنها تقتل أمام بعضها البعض.

تخيلوا حجم الألم والمعاناة حين ترى الشاة شاة أخرى تزهق روحها أمامها. هناك حتمًا طرق أقل وجعًا وسوءًا للقيام بالتضحية. فالإنسان ليس مجبرًا أن يتجرد من كل عواطفه ورحمته لآخر قطرة بهدف إشباع غرائزه المتناقضة، تقديم ضحية لكسب رضا الله وحبه ليس مبررًا لممارسة كل هذا الحجم الخرافي من السفك والهمجية.

جميل أن يكون عيد محبة وتسامح وعيد تضحية بالغرور والحقد أحسن من الاحتفال بحج المسلمين بتعنيف حيوانات وجعل المنازل والأحياء والطرقات مجازر دموية عامة تقشعر لها الأبدان أما الروائح المنبعثة أثناء وبعد الذبح، فحدث ولا حرج. والشيء الجنوني ومنذ سنوات قليلة انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لأشخاص تعلم أطفال قُصر طريقة ذبح حيوان، مثل هذه الأفعال على القانون أن يردعها ويعاقب فاعليها لما قد تولد من اضطرابات نفسية في نفسية الطفل.

هناك بعض المواقف التي يمكن تصنيفها بالأخلاقية رغم ما ذكر سابقًا، فبعض الناس لديها نية قوية وحاجة إنسانية محضة في مشاركة قطع من اللحم أو أكثر لمن ليس له دخل كافٍ أو لا يمكنه الحصول على ذلك، وهنا تتجلى مظاهر التضامن والمساعدة لإدخال فتات من الفرحة للبيوت.

اقرأ/ي أيضًا:
عيد الأضحى بالمغرب..الأضاحي بالتقسيط
قهوة العيد الجديد
عن العيد والأضحية